«الثورة القادمة» تطل علينا من النرويج

حمزة عليان

​عندما تناول «الثورة الثلاثية» التي ستعصف بقطاع السيارات، استخدم مُعد فيلم وثائقي ألماني عبارة «غسقْ آلهة السيارات» واختزلها بـ «السيارة الكهربائية». معالم الغد، كما كتب الصحافي الفرنسي فيليب رياس، بمقدمة كتاب مذكرات كارلوس غصن رائد تحالف سيارات «نيسان – رينو»، تجسّده اليوم شركة «Tesla» ومبتكرها «الدكتاتوري الجديد» في عالم التكنولوجيا والفضاء، إيلون ماسك، الذي بدأ مسيرته المهنية بـ «silicon valley».​السؤال: هل سنشهد في وقتنا الحالي إطاحة عمالقة صناعة السيارات الكبار على يد الوافدين الجدد؟ فكما كان مصير «Nokia»، التي فوّتت الفرصة مع ظهور الهواتف الذكية، قد يكون الاستئثار بهذه الصناعة على يد هؤلاء، ومنهم «الصين العظيمة».​ناقوس الخطر جاء من كاتب أميركي مرموق، هو توماس فريدمان، محذراً إدارة ترامب من قراراتها القائمة على الارتجال والتسرع، قائلاً إن التخلي عن سوق السيارات الكهربائية يعني استحواذ الصين الكامل عليه، فشركاتها التي تعمل بالسيارات الكهربائية تسيطر على 60 بالمئة من السوق العالمي، لكونها تصنع أفضل بطاريات السيارات في العالم».​البيانات الرسمية أظهرت أن 9 من كل 10 سيارات جديدة تم بيعها في النرويج خلال عام 2024 كانت كهربائية تعمل بالبطاريات فقط، مما يضعها على الطريق الصحيح ببيع سيارات كهربائية بالكامل بحلول هذا العام.​ستصبح النرويج أول دولة في العالم تلغي السيارات التي تعمل بالبنزين والديزل من سوق السيارات الجديدة، وهو تحوّل غير مسبوق في قطاع النقل على مستوى العالم.​يأتي هذا الإنجاز في الوقت الذين ألغى فيه «ترامب العظيم» الأمر التنفيذي لسلفه جو بايدن، والذي كان يستهدف تحقيق 50 بالمئة من مبيعات السيارات الكهربائية بحلول عام 2030، وهذا ما كان مثار انتقاد وغضب كبيرين من مديري مصانع السيارات الأميركية.​دولة مثل النرويج حققت نجاحات في الاقتصاد باتت قدوة للآخرين، فهي صاحبة أكبر وأهم صندوق سيادي في العالم، وبالرغم من أنها أكبر منتج للغاز والنفط في أوروبا، فإنها تشهد اليوم انقلاباً حقيقياً بالتحول إلى السيارات الكهربائية، بعدما استثمرت الدولة بالبنى التحتية وقدّمت مزايا وإعفاءات لتشجيع المواطنين على استخدام هذا النوع من السيارات الصديقة للبيئة.​لم تمس عائدات النفط ولا الغاز، بل كل الإنفاق والاستثمارات تأتي من الصناعات والضرائب المفروضة على المواطنين.​خلق مصادر جديدة للثورة بات علامة فارقة للنرويج، واستدامة مورد النفط والغاز يعززان قوة ومتانة وحجم الصندوق السيادي المدار بكفاءة عالية.​عودة إلى كتاب مذكرات كارلوس غصن، صانع السيارات الأول في العالم، الذي كان يوظف 450 ألف شخص في 120 مصنعا أصبح خارج الحلبة، بعد أن كادوا يقطعون رأسه، لولا العملية الجهنمية التي أنقذت حياته وخرج فيها حياً من سجنه في اليابان، بواسطة صندوق آلة موسيقية ضخمة، ولتخرج هذه المذكرات والرواية المشوقة في عالم صناعة السيارات.

تابعنا عبر:

شاهد أيضاً