السياسي – شكّل تخليد يوم التراث الفلسطيني ويوم المرأة الفلسطينية، مساء أمس السبت في العاصمة المغربية الرباط، فرصة لإثارة الانتباه إلى الممارسات الإسرائيلية البشعة تجاه الفلسطينيين، إذ لم تكتف سلطات الاحتلال بمصادرة الأراضي وسلب خيراتها وقتل أهاليها، بل عملت على سرقة كل رموز الهوية الفلسطينية من لباس ومأكولات وتحف وغيرها من عناصر التراث المادي وغير المادي.
وقال علي الجعبري، رئيس رابطة الجالية الفلسطينية في المغرب، إن المحتل الإسرائيلي منذ 77 عاما، قام بسرقة الأرشيفات والصور والتحف الفلسطينية، من أجل أن ينسبها إليه. واستدل على ذلك بأمثلة من محاولة سرقة الهوية والتراث الفلسطيني، من بينها ما نشرته صحيفة “لوفيغارو” الفرنسية عام 2018، تحت عنوان “المطبخ الإسرائيلي يحقق نجاحا باهرا في باريس”، في حين أن الأمر يتعلق بأطباق فلسطينية شعبية منها “المقلوبة” و”الفلافل” و”الشاورمة” والحلويات الفلسطينية كـ”الكنافة” المعروفة في مدينة نابلس. ومن الأمثلة الأخرى للسرقات التي لحقت التراث الفلسطيني من لدن المحتل الإسرائيلي، ذكر المتحدث نفسه تصميم اللباس الرسمي لمضيفات شركة الطيران الإسرائيلية “العال”، انطلاقا من التطريز الفلسطيني.
من جهة ثانية، استعرض علي الجعبري الروابط التاريخية التي تجمع المغاربة بفلسطين على امتداد القرون، مبرزا أنه منذ بداية الإسلام في القدس، كان المغاربة يذهبون للحج ولطلب العلم والجهاد، وتكاثر وجودهم بعد فتح القدس على يد صلاح الدين الأيوبي الذي طلب العون من السلطان يعقوب المنصور لهذا الغرض، حيث كان ربع جيش صلاح الدين من المغاربة.
كما لفت إلى أن القدس كانت تحوي أوقافا رسمية وأخرى شعبية. وبعدما ذكر أن التواصل الشعبي المغربي مع فلسطين انقطع بسبب الاحتلال الإسرائيلي، وانقطعت معه مواكب الحج والعمرة، أوضح أنه لم ينقطع على مستوى قيادات الدولة المغربية، حيث إن العاهل الراحل محمد الخامس زار القدس سنة 1960، وكان مهتما بأوضاع الفلسطينيين، وزار مخيمات اللاجئين الذين أُخرجوا من ديارهم سنة 1948، واستمر ذلك مع العاهل الراحل الحسن الثاني الذي عرف بوقوفه الدائم إلى جانب الفلسطينيين، حيث بنى مطار غزة، وأسندت له رئاسة لجنة القدس سنة 1975 من لدن منظمة التعاون الإسلامي.
وتابع المتحدث أن هذا الإرث تواصل مع العاهل المغربي، محمد السادس، الذي لم يتوان طيلة 26 سنة عن دعم فلسطين، بكل ما هو مادي وغير مادي، عن طريق “وكالة بيت مال القدس” التي قامت ببناء مستشفيات وإصلاح جامعات والتكفل بالأيتام بالإضافة إلى تنظيم مخيم صيفي للأطفال يقام سنويا في المغرب. كما أثنى على احتضان المملكة المغربية لبعثات طلابية منذ الستينيات إلى الآن، متوقفا أيضا عند جهود عدد من الجمعيات المغربية في مساندة فلسطين.
في السياق نفسه، تطرق سفير فلسطين في الرباط، جمال الشوبكي، ضمن كلمته إلى الدعم الذي ما فتئ المغرب ـ قيادة وشعبا ـ يقدمه للشعب الفلسطيني، مثنيا على التظاهرات اليومية الحاشدة التي تشهدها مختلف المدن المغربية تضامنا مع غزة. كما أكد أن التراث الفلسطيني جزء من الهوية الوطنية، موضحا أن الثقافة والتراث يشكلان ركيزتين أساسيتين في نضال الشعب الفلسطيني من أجل الدفاع عن حقوقه.
وعبر عن اعتزازه بالأدوار الحاسمة التي تضطلع بها المرأة الفلسطينية في الحفاظ على تراث بلدها، من خلال نقل المعارف من الأمهات إلى بناتهن، والتشبث بالهوية، وسرد التاريخ الفلسطيني. كما أبدى السفير الفلسطيني شكره وامتنانه للعاهل المغربي محمد السادس على الجهود المتواصلة التي يبذلها دعما للقضية الفلسطينية، مشيدا في الوقت ذاته بمبادرة رابطة الجالية الفلسطينية بالمغرب لتنظيم هذا الحدث المميز.
والجدير بالذكر أن الحفل الذي حضره أكثر من 450 شخصا، شهد فقرات متنوعة من بينها معرض منتجات فلسطينية لأكثر من 19 عارض بين مطرزات ومأكولات ومستحضرات التجميل الفلسطينية وفقرات من الدبكة الفلسطينية وأخرى للأمثال الشعبية، وأداء أغان وطنية، وفقرة توزيع 11 درع لشخصيات عرفت بمساندتها لفلسطين، واختتم الحفل بعرض الأزياء الفلسطينية التقليدية.








