الجريمة بالداخل المحتل – بن غفير يراها إنجازاً والمعارضة تراها خسارة انتخابية

السياسي – رغم أن مشروع القانون الذي يجعل قتل العرب في إسرائيل أمراً قانونياً، ليس ضمن حزمة التشريعات الفاشية التي يدفع بها قدماً الائتلاف الحاكم في الكنيست هذا الأسبوع، ولكنه في الواقع غير ضروري، فإن قتل العرب في إسرائيل بات أمراً قانونياً. وقد وصل عدد القتلى في إسرائيل هذه السنة إلى رقم قياسي هو 302 قتيل، وكان الرقم القياسي السابق سجل (إنجاز بلا شك بالنسبة للحكومة) في فترة تولي المتطرف بن غفير منصب وزير الشرطة في 2023.

عدد القتلى العرب في هذه السنة في إسرائيل وصل إلى 244 قتيلاً، بعد قتل أب وابنه في الناصر السبت الماضي. ولكن 15 في المئة فقط من أعمال القتل تم تفكيكها. وللمقارنة، فإن نسبة تفكيك جرائم القتل في المجتمع اليهودي هذه السنة هي 60 في المئة. وعندما لا يتم تطبيق القانون، يصبح حبراً على ورق وبلا أهمية. ومع نسبة تفكيك لا تتجاوز 15 في المئة، فإن القانون الذي يحظر قتل العرب في إسرائيل لا يطبق في معظم الحالات، حيث لا رادع. يعرف العرب الذين يقتلون العرب، بدرجة يقين عالية (85 في المئة من اليقين) أنه لن يتم معاقبتهم أو اعتقالهم أو الحكم عليهم بالسجن لسنوات طويلة أو دفع ثمن جريمتهم. في الواقع، في ظل غياب تطبيق القانون والعقاب، يصعب وصف قتل العرب في إسرائيل بـ “الجريمة”. تسود الفوضى في هذا المجال. وفي ظل الفوضى، فأي شخص يفعل ما يشاء. ليس هناك ما يسمى “جريمة”.

القتل المتفشي في المجتمع العربي لا تشعر به التجمعات السكانية الليبرالية، ولا تقلق مائدة أيام السبت. الليبراليون في إسرائيل يندبون هجرة الأدمغة الليبرالية الأخرى من الدولة، والفاشية والتحول الديني، ويصابون بالصدمة من معاناة سكان غزة، لكنهم لا يكترثون بمعاناة إخوانهم العرب الإسرائيليين في الجليل وفي المثلث. من بين الـ 20 سؤالاً المتعلقة بالتحدث عن العقارات في جزر اليونان، لا أحد منهم يذرف دموعاً على قتل العرب. ما يهمهم هو ضمان تصويت العرب في الانتخابات القادمة (إذا حدثت يجب ان لا ننسى بأن حرباً أخرى مع حزب الله أو إيران باتت محتمة في الأشهر القادمة)، ولكنهم يحتاجون فقط إلى أصوات العرب لإسقاط حكم نتنياهو.

الانتخابات ليست على خفض نسبة قتل العرب في إسرائيل. إن أي ليبرالي لن يقرر لمن سيصوت طبقاً للوعود باستئصال الجريمة في المجتمع العربي. لا يوجد لليبراليين اليهود أصدقاء عرب قتلوا، أو من أبناء عائلاتهم. هذا لا يضرهم شخصياً ولا يزعجهم بشكل يومي إلا على المستوى التصريحي.

في 2022، في فترة حكومة التغيير، عندما كان عومر بارليف وزيراً للشرطة، انخفض عدد جرائم القتل في إسرائيل إلى النصف تقريباً، 149 جريمة. أما بن غفير فقد ضاعف عدد القتلى في البلاد. ظاهرياً، هو فشل في مهمته التي يتم تعريفها بأنها الاهتمام بالأمن القومي. في الواقع، القصد من “الأمن الوطني” هنا هو أمن اليهود. انظروا إلى قانون القومية. القومي في إسرائيل هو اليهودي. لم يقتل إلا 58 يهودياً في إسرائيل هذه السنة، وتم تفكيك 60 في المئة من هذه الجرائم. الخلاصة: نجاح باهر في الحفاظ على الأمن القومي.

الـ 244 قتيلاً عربياً هم أيضاً دليل على الحفاظ الناجح على الأمن القومي. نظرية الأمن القومي لإسرائيل تقول بأن العربي الجيد هو العربي الميت. هذا لم يتغير منذ كررت هذه المقولة عندما كنت طفلاً صغيراً. العرب يعرفون أنه لا توجد عقوبة على قتلهم، وإن قتلتهم سيبقون أحراراً، وأن حياتهم لا أهمية لها. ويرون كيف يصد الليبراليون اليهود المستوطنين العنيفين في مسافر يطا بأجسادهم، لكنهم لا يخاطرون بأنفسهم للدفاع عن إخوتهم من مواطني إسرائيل.

روغل الفر

هآرتس 22/12/2025