الجزائر : انتشار أمني واسع بعد فرار الجنرال ناصر الجن

السياسي – ذكرت صحيفة لوموند الفرنسية، السبت، أن الجزائر العاصمة وضواحيها شهدت يومي 18 و19 سبتمبر/أيلول انتشارا أمنيا واسعا وصفته بـ”غير المسبوق منذ العشرية السوداء في التسعينيات”، وذلك عقب فرار المدير السابق لجهاز الأمن الداخلي، اللواء عبد القادر حداد الملقب بـ”ناصر الجنّ”، والذي كان تحت الإقامة الجبرية منذ إقالته في مايو/أيار الماضي.

وأشارت الصحيفة إلى أن السلطات أقامت حواجز للشرطة والجيش وأغلقت الطرقات، فيما جرى تفتيش المركبات حتى من قبل عناصر بزي مدني، ما تسبب في ازدحامات خانقة شلّت حركة المرور لساعات طويلة. وترافق ذلك مع طلعات لمروحيات في مشهد أوحى بعملية مطاردة لفارٍّ من العدالة.

وأضافت الصحيفة أن ناصر الجن، بعد إقالته مباشرة، أُوقف وسُجن أولاً في السجن العسكري بالبليدة ثم في بشار (غرب البلاد)، قبل أن يُوضع تحت الإقامة الجبرية في فيلا بحي دالي إبراهيم بأعالي العاصمة. غير أنه تمكن منتصف هذا الأسبوع من الإفلات من مراقبيه، وفق مصدر رسمي بالجزائر.

وبحسب لوموند، فإن اختفاء ناصر الجنّ أحدث “صدمة عنيفة” في هرم السلطة الجزائرية، ما دفع إلى عقد اجتماع طارئ للمجلس الأعلى للأمن، وسط حديث عن تواطؤات داخل الأجهزة سمحت بفراره.

ورأت لوموند أن عمليات التفتيش والمداهمات المكثفة في العاصمة تعكس حالة الارتباك الشديد داخل النظام، حيث من الواضح أن فراره لم يكن ممكنا لولا وجود تواطؤ داخل الأجهزة الأمنية، في مؤشر على عمق الانقسامات رغم خطاب “الجزائر الجديدة” الذي يرفعه الرئيس تبون.

وتابعت الصحيفة أن التزام وسائل الإعلام المحلية، الخاضعة لرقابة السلطة، الصمت حيال هذه القضية زاد من منسوب الشائعات حول مكان وجود الجنرال الفار. بعض الروايات تقول إنه غادر إلى إسبانيا حيث عاش سابقاً بين 2015 و2020، فيما تؤكد أخرى أنه لا يزال في الجزائر. كما تداولت أنباء عن اعتقال ضباط يُشتبه بتورطهم في مساعدته.

وأكدت لوموند أن الاهتمام بالقضية يعود إلى شخصية ناصر الجن الذي يُعتبر “خزان أسرار” للنخبة الحاكمة.

وأشارت الصحيفة إلى أن الحادثة ليست سوى فصل جديد من مسلسل الاضطرابات داخل النخبة السياسية والعسكرية، إذ سبقت إقالة ناصر الجن في مايو الماضي، إقالة الجنرال مهنا جبار، مدير جهاز المخابرات الخارجية، في سبتمبر 2024. ومنذ وصول تبون إلى الحكم عام 2019، تعاقب على رئاسة المخابرات الخارجية سبعة مسؤولين، وخمسة على رئاسة الأمن الداخلي.

ومضت الصحيفة موضحة أن محللين يعتبرون أن توازنات النظام اهتزت منذ عام 2015، عندما قرر الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، بدعم من رئيس الأركان آنذاك الجنرال أحمد قايد صالح، تفكيك جهاز الاستخبارات القوي الذي كان يقوده الفريق محمد مدين، الشهير بـ“توفيق”.

وأوضحت أن هذا القرار – الذي جاء بعد هجوم تيڨنتورين المأساوي عام 2013 – زعزع المنظومة الثلاثية التي كانت تمثل أركان السلطة: رئاسة الجمهورية، قيادة الجيش، والاستخبارات، في وقت أدى فيه صعود الأوليغارشية الاقتصادية التي شجعها بوتفليقة إلى خلق قطب نفوذ رابع قائم على المصالح المالية والفساد.