الحرب الإسرائيلية – الإيرانية ومشاريع حرائق منطقة الشرق الأوسط

حسين عطايا

دخلت الحرب الإسرائيلية – الإيرانية في أسبوعها الثاني، ولا زالت على وتيرتها، والدمار قد يكون يحمل آثاره على كلتا الجبهتين، وإن كانت نتائجه في إيران أكثر على صعيد القيادات العسكرية وأعداد العلماء الذين تم تحييدهم، إما من خلال القصف أو الاغتيال، أما على الساحة الإسرائيلية فالدمار يظهر للمرة الأولى في تاريخ تل أبيب وبقية المناطق في فلسطين المحتلة، حيث الكيان الإسرائيلي الغاصب.

التنمية مقابل الإبادة

هذه الحرب أثبتت أنها تريد خلق “الشرق الأوسط الجديد”، من خلال ما يُسوّق له، ولكن في الأساس ومنذ فترة ظهرت إرادتان تبحثان عن صيغة شرق أوسط جديد، الأولى وقد عبّر عنها محمد بن سلمان، وليّ العهد السعودي، بخطة طموحة سُمّيت مشروع “٢٠٣٠”، وقد لحق به رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة محمد بن زايد، وتقريبًا أغلب قادة دول مجلس التعاون الخليجي، وقد تم التعبير عنها بشكلٍ واضح في زيارة الرئيس الأميركي للسعودية وبقية دول الخليج العربي قبل فترة قصيرة.

 

فأتت الحرب الإسرائيلية – الإيرانية بصيغتها الجديدة لتكون عائقًا أمام هذا المشروع الطموح، والذي يحمل الخير لكل منطقة الشرق الأوسط، وبذلك، ردة فعل أقدمت عليها إسرائيل، ردًّا على ما أقدمت عليه إيران في تشجيع أذرعها في السابع من تشرين الأول ٢٠٢٣، فيما سُمّي “طوفان الأقصى”، والذي أتى محاولة من محور الممانعة على إمكانية قيام سلام بين المملكة العربية السعودية وإسرائيل، وفقًا لرؤية المملكة في حلّ الدولتين، فانتقلت بالشرق الأوسط من مرحلة استقرار إلى مرحلة الحروب، مما فتح الطريق للحكومة اليمينية الإسرائيلية إلى تفعيل حربها لإبادة الشعب الفلسطيني والانقضاض على ما تبقى من بقايا اتفاق أوسلو وبعض من استقلالية للسلطة الفلسطينية.

تحالفٌ غير معلن ضد مستقبل المنطقة

هذا ما أدى بانتقال المنطقة من السعي إلى مرحلة السلام، إلى منطقة حروب ونار متصاعد يحرق كل ما تبقّى، وبهذا، كانت كل من إيران وإسرائيل، وبما تحملان من فكر توسعي وقتل وإبادة لشعوب المنطقة، بدل عيشها بسلام ووئام.

بذلك، وعلى الرغم من عدم تكافؤ بين طرفي محور الحروب “إيران وإسرائيل”، إلا أنهما لم يقصّرا يومًا، ووفقًا لما يملكان من إمكانيات، من تفجير منطقة الشرق الأوسط، وكلٌّ منهما وفقًا لإمكانياته وتطلعاته. فإيران عاثت فسادًا وقتلًا ودمارًا في العديد من دول الإقليم، وإن بدرجة أقل من الإبادة الإسرائيلية للشعب الفلسطيني، لكنها -أي إيران- لم تُقصّر في شعوب كل من العراق وسوريا، عدا عن اليمن ولبنان، وإن بوتيرة أخف.

هذا الأمر، إن ظهر عنه شيء، أقل ما يُقال فيه إنه يسعى لتقويض مشروع التنمية والتقدّم والسلام، الذي تقوده المملكة العربية السعودية وأخواتها في مجلس التعاون الخليجي. وبذلك، نجد أن مشروع إيران وإسرائيل تغلّب بعدد النقاط لمحور الحروب والإبادة على محور السلام والتنمية.

لذا، فمحور الحروب لا زال نشطًا، ويحاول جرّ المنطقة إلى مزيد من التوسع في الحروب، وإدخال عناصر جديدة، وأبرزها الولايات المتحدة الأميركية، وفي حال استجابت لرغبات نتنياهو وحكومته اليمينية المتطرفة، ستجرّ المنطقة إلى حريق كبير لا يمكن لأي عاقل أن يتصوّر مداه وإلى أين تصل الأمور.

من هنا، أتت هذه الحرب لتكون بمثابة شرارة الحريق الكبير، الذي قد يحرق المنطقة برمّتها دون أن يخرج أحدٌ منتصرًا، خصوصًا من طرفي الحرب “إيران وإسرائيل”، وبالتالي سيلقي بظلاله على كل شعوب المنطقة، ويؤخر سُبل وخطط التنمية لسنوات وسنوات.

نقلا عن جنوبية اللبناني