الشرق الأوسط بات كما لو أنه أصبح مثل البندول الذي يتحرك شمالا ويمينا في إيقاع مستقر؛ فتارة ينحو نحو السلام، وتارة أخرى يقع في غمار الحرب. الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية وتركيا يتقدمون إلى مجلس الأمن بمشروع قرار يتضمن مسارا لإقامة الدولة الفلسطينية. وفي نفس الوقت تقدم روسيا قرارا مماثلا وداعيا لوقف الحرب.
البندول يعود إلى الناحية الأخرى عندما تبدأ عملية تقسيم غزة بحيث يكون الخط الأصفر الذي يفصل ما بين الأراضي التي تحتلها إسرائيل؛ وتلك التي تسيطر عليها حماس، والحديث يكثر عن أن هذا الخط سوف يكون حدودا دائمة.
ويكثر الحديث أيضا عن تخطيط الولايات المتحدة لإقامة قاعدة عسكرية في غزة بينما يجري الاستعداد لتشكيل «مجلس السلام» الذي تقوده الولايات المتحدة. «جيفري ساكس» – المفكر العالمي! – يرى أن ذلك سوف يكون بمثابة عودة الانتداب البريطاني على فلسطين مرة أخرى. إسرائيل من ناحيتها تطرح قانونا للإعدام في البرلمان الإسرائيلي، والمقصود به الأسرى الفلسطينيون الذين تكتظ بهم المعتقلات الإسرائيلية ويصبحون هدفا للتحرير من خلال خطف الإسرائيليين.
الخلاصة أن مؤتمر شرم الشيخ فتح الباب لتنفيذ «مبادرة ترامب» بوقف إطلاق النار، ولكن ما جرى لم يزد على تقسيم لغزة التي هي ذاتها جزء من تقسيم فلسطين. إسرائيل تقصف الفلسطينيين، وحماس تحافظ على الجثامين الإسرائيلية وتطلق التصريحات بأنها لن تستجيب للخطوة التالية وهي نزع سلاحها. حزب الله ليس ببعيد عن هذه المسألة فهو الآخر يقسم لبنان ويرفض نزع السلاح ومستعد في نفس الوقت لحرب أهلية.
وليس ببعيد عن كل ذلك طرح الجماعة الحوثية في اليمن لنفس السياق؛ أما في السودان وبعد فظائع «الفاشر» فإن المعادلة هي ذاتها: ميليشيات تنصب نفسها بديلا للدولة أو ترفع سلاح «المقاومة»، وفي كل الأحوال فإن الحرب جارية مهما كانت هناك أغطية نشطة بحثا عن السلام. الشرق الأوسط ما زال على صفيح ساخن قلقا ومضطربا؛ طوبى للساعين إلى السلام.
*نقلا عن “الأهرام”







