«الحزب» والحرب..ماذا بعد؟!

حسين عطايا

ماحدث خلال اليومين الماضيين في لبنان، وتحديداً الهجوم التقني الذي قامت به إسرائيل ضد “حزب الله” وادوات اتصاله، كفيل بأن يُرتب على الحزب أتخاذ قرار شجاع ومؤلم في ذات الوقت وغير مسبوق، مبني على عقل إستراتيجي “إذا ما وجد”، او عن تفكيرٍ عميق يُعطي لصاحبه بُعد نظر، ورؤية للملمة ما قد بقي من بعض ماء وجه، وحفاظاً على محازبيه وكوادره خدمة للبنان ومواطنيه، من بيئته الشيعية تحديداً، لحفظ خط الرجعة، والبقاء كحزب سياسي ذي شأن، على الساحة السياسية في لبنان .

فالذي حصل لم يعُد ينفع الكلام معه، عن الخرق الامني والانكشاف الحاصل اين وكيف ومتى، خصوصاً في صفقة الاجهزة التقنية، التي كانت مدار اعمال تخريبية، نتيجة عمل مُخابراتي متقن على مدار اليومين الماضيين، فالنتيجة واحدة هي ان الاختراق قد حصل، وحصد العدو بنتيجته وبكبسة زر في اليوم الاول تسعة شهداء، ومايزيد عن اربعة الاف جريح ومصاب، وبأكثريتهم الساحقة من “حزب الله” وهم قادة ميدانيين وخبراء وهذا ماجعل تحييدهم عن المعركة امراً ثابتاً، وفي اليوم الثاني 20 شهيداً وما يزيد عن 4000 جريحاً، عدا عن الذين لاتزال اوضاعهم حرجة، ويخضعون للمتابعة في غرف العناية الفائقة والتي لازالت ارواحهم بيد صاحب الامر.

 

من هنا، على “حزب الله” ان يكون قد اخذ وقته ليُفكر ملياً بظروف المعركة والتي خسرها حتماً، بغض النظر عن عنتريات وزرائه ونوابه وقادته وادواته، من محللين استراتيجيين وسياسيين، الذين يطلون على الشاشات بكلام في غير مكانه، وهم انفسهم يُدركون بأنها غير صحيحة، وإن كل انتصاراتهم واهية لا بل وهمية ولا اساس لها من الصحة.
لهذا، كان في الاساس قرار حرب المشاغلة والاسناد في غير سياقه الطبيعي، كما ان ربط مصير الحرب في جنوب لبنان بغزة، قرار خاطىء والرجوع عن الخطأ فضيلة، لانه لم يبق ما يُعرف بقطاع غزة سوى في كُتب الجغرافيا، اما في الحقيقة، فقطاع غزة هو اطلال واكوام حجارة وخراب وغير صالح للعيش فيه، وحتى قرار إعادة إعماره مؤجل حتى إشعارٍ اخر، ولا ننسى ان دراسة للامم المتحدة، تقول ان إعمار قطاع غزة يحتاج الى عشرين عاماً، هذا إذا وجِد من يساهم في دفع تكاليف إعماره، وهنا هل يُريد “حزب الله”، ان يكون الجنوب ولبنان على مثال قطاع غزة واهله نازحين ومهجرين في وطنهم؟!

 

فالذي حصل في اليومين المنصرمين، اثبت أن “حزب الله” خسر الحرب وخسر رهانه، على قدرته في تسجيل نقاط على الكيان الصهيوني، واليوم اكثر من اي يومٍ مضى بيئته مُصابة بالهلع والخوف المريب من الغد القريب وليس من المستقبل، والكل يعلم ان نازحي القرى الحدودية، واكثريتهم من ابناء الطائفة الشيعية الكريمة، وبعضهم من الموالين في رغبتهم والبعض الاخر، وهم اكثرية مجبرين على موالاة “حزب الله” خوفاً، وليس جميعهم موالين ، قد زاد عدد النازحين عن مئة وثلاثين الف نازح، يعيشون حياة ليست بكريمة على الاطلاق، ولم يعد في ذهنهم وتفكيرهم سوى هل ان العودة حتمية، او اصبحت مؤجلة وشعاراً يتغنون به ويتمنونه.

 

لذا، ليس من العيب الرجوع عن الخطأ، بل العيب الاكبر ان تستمر في الخطأ، ومن هنا على “حزب الله”، وعبر من يريد ويشاء ان يتواصل مع الوسطاء، لايجاد الحلول لوقف الحرب قبل فوات الامر، وقبل الدخول في المحظور، للحفاظ على ما تبقى من مقدرات عنده وعلى شبابه ومحازبيه، والتفرغ لترتيب بيته الداخلي، والكشف عن مكامن الخرق المصاب به وضعه التنظيمي، السياسي منه والعسكري والامني، ليُبعد عنه الكأس المرة في الحفاظ على ما تبقى لديه من كادرات وقادة، وليتدارك الاخطاء المميتة التي وقع فيها، نتيجة الانكشاف الامني الواقع عليه والتي من نتيجتها، يدفع الكثير من ارواح قادته المخضرمين والقادة الكبار، عدا عن الخسائر التي تلحق بممتلكات المواطنين وارواحهم.

شاهد أيضاً