«الحصار الناعم: الطريق إلى نهاية السلطة الفلسطينية»

ميساء ابو عنام

يهودا والسامرة هي الإرث التاريخي لليهود ولن تتنازل عنه إسرائيل
كيف تفكر إسرائيل
ما يحدث اليوم من عدم تحويل أموال المقاصة من قبل إسرائيل ليس مجرّد عقاب للسلطة الفلسطينية، بل هو خطوة مدروسة نحو إنهاء هذه السلطة نهائيًا. هذا الحصار الاقتصادي يستهدف كيان السلطة ذاته، في محاولة لدفعه للانهيار دون الحاجة لتدخل عسكري مباشر من إسرائيل.
إسرائيل تعمل منذ سنوات في الضفة الغربية لإنهاء اتفاقيات أوسلو عمليًا، وقد تسارعت هذه الجهود بعد السابع من أكتوبر. تكتمل ملامح المرحلة الجديدة عسكريًا وسياسيًا وأمنيًا، ولم يبقَ سوى إسقاط السلطة الفلسطينية رسميًا عبر الحصار الاقتصادي الذي نشهده اليوم.
مرحلة محمود عباس وإرث أوسلو
محمود عباس، الذي يُعرف بأنه مهندس أوسلو إلى جانب شمعون بيريس، يواجه اليوم نهايات مرحلة طويلة. توفي شمعون بيريس وبقي عباس الذي يصارع المرض والتحديات. لكن الهدف الإسرائيلي الحقيقي ليس عباس كشخص، بل إسقاط فكرة أوسلو نفسها ووهم الدولة الفلسطينية والحكم الذاتي.
التاريخ والدين في الضفة الغربية
إسرائيل ترى في الضفة الغربية، أو ما تسميه «يهودا والسامرة»، إرثًا تاريخيًا لمملكة يهودية كانت قائمة هناك قبل ثلاثة آلاف عام، في مدن مثل نابلس والخليل وبيت لحم والقدس وجزء من الجليل والنقب ، وليست في حيفا أو بئر السبع أو يافا. من يعتقد أن اليهود سيتنازلون عن هذه المناطق ضمن دولة فلسطينية واهم، ومن ينكر هذا البعد التاريخي إمّا جاهل أو يتجاهل أن الطفل الفلسطيني نفسه يتعلم في المدارس أن فلسطين هي مهد الديانات السماوية الثلاث.
الدين كأداة سياسية
إسرائيل دولة سياسية علمانية في الأساس، لكنها تستخدم الدين كوسيلة لتعزيز وجودها في الضفة الغربية، خاصة في المناطق التي تعتبرها تاريخيًا ودينيًا جزءًا من مملكتها القديمة.
ما بعد انهيار السلطة الفلسطينية
بعد أن تنهار السلطة الفلسطينية اقتصاديًا وسياسيًا وأمنيًا بشكل ناعم ودون مواجهات مباشرة، ستظهر كيانات بديلة تحت مسمى “الإدارة الخدماتية الاقتصادية”. عندها، سيشهد سكان الضفة بعض الانفراجات المعيشية، وستُفتح تدريجيًا أبواب التصاريح والعمل، إذ ترى إسرائيل أن خسارتها الأكبر ستكون خسارة العمالة الفلسطينية التي تعتمد عليها في سوقها المحلي، خاصة بعد الحرب مع إيران.