بات واضحا وبحكم المؤكد أن منظومة الاحتلال الصهيونية الاستعمارية العنصرية، تعمل على استكمال مسلسل الابادة الجماعية الدموية، بصراعات عائلية وعشائرية بين المواطنين الفلسطينيين في قطاع غزة، وما اعلان “حكومة الحرب ” عن خطة لتشكيل حكم بديل في قطاع غزة، اعتمادا على قوى مجتمعية رافضة لحكم سلطة حماس الانقلابية اللاشرعية أصلا، إلا محاولة لإبقاء نزيف الدم في جسد الشعب الفلسطيني، مع بداية اليوم التالي لتوقف آلة الحرب الاسرائيلية عن اداء هذه المهمة، فجنرالات منظومة الأمن الإسرائيلية يعرفون جيدا أن رؤوس حماس الذين لم يقيموا وزنا أو اعتبارا لأرواح عشرات آلاف الشهداء منهم حوالي 15 ألف طفل وحوالي مئة ألف جريح ودمار أكثر من 50% من أبنية قطاع غزة، يعرفون جيدا أن هؤلاء سينفذون خطط الاغتيال الفردية والمذابح الجماعية بحق كل من يتعاون معهم، خاصة وأن حكومة الصهيونية الدينية قد منحت الذرائع لحماس سلفا لهذا الأمر المتوقع، بإعلانها أن الجيش سيوفر الحماية الأمنية اللازمة “للحكم البديل”.
ونعتقد أنهم على قناعة تامة بأنهم لن يجدوا فلسطينيا وطنيا ليقبل الانغماس في حقل الألغام هذا!.. فالخطير أن ما تعتبره حكومة حرب منظومة الصهيونية الدينية (تجربة) في شمال قطاع غزة، ستتكرر في الضفة الغربية مباشرة إذا نجحت، خاصة وأن المنظومة تمهد لزلزلة اركان مؤسسات دولة فلسطين التي رفعتها السلطة الوطنية الفلسطينية، باصطناع خلخلة في الأوضاع الأمنية، متزامنة مع سرقتها لأموال الضرائب الفلسطينية (المقاصة)، وتأجيج المشاكل العائلية مع غض البصر عن تدفق السلاح الفردي والذخيرة الذي أكد الشاباك الاسرائيلي أنه تحت السيطرة، ومضمون بألا يوجه نحو الاحتلال!
سيبدأ الاحتلال تجربته التدميرية الجديدة هذه في قطاع غزة، ابتداء من المنطقة الواقعة شمال الخط الفاصل الذي رسمته قوات جيش الاحتلال من نقطة ميدان الشهداء على شارع صلاح الدين، حتى شارع الرشيد على شاطئ البحر غربا، المعروف الآن بالشارع المؤدي لمستوطنة “نتساريم” سابقا، وسيلجأ لتعميمها، ما يعني تحويل قطاع غزة الى جزر منقطعة، بدون سلطة مركزية، تماما كما تفعل الآن في الضفة الغربية ولكن بالمستوطنات والحواجز العسكرية التي صارت اقرب لمعسكرات دائمة، وتنفيذ الخطط الاستيطانية الكبرى، لمنع الترابط بين مدن وبلدات وقرى الضفة الغربية، وفصل القدس عن بيت لحم ورام الله ومحيطها الجغرافي والسكاني، ونعتقد أن المؤمنين العاملين على تجسيد المشروع الوطني الفلسطيني يدركون جيدا هذه الحقائق، ويعلمون أن تدمير الاقتصاد الفلسطيني، وضرب المؤسسة الأمنية الفلسطينية، وقصفها بحملات دعائية اعلامية وإشاعات تشكك بأدائها المهني والوطني مؤشرات على مخطط منظومة الاحتلال الفلسطينية، التي لا تقر بأي وجود للسلطة الفلسطينية في قطاع غزة بما فيه معبر رفح، وهذا لا تفسير له سوى أنه احتلال جديد كما قلنا في مقال سابق، واغتيال مباشر للمجتمع الدولي المجمع على “حل الدولتين” وتحد سافر للشرعية الدولية، فهذه المنظومة التي وضعت الجمعية العامة للأمم المتحدة على لائحة سوداء ردا على قرار الأمين العام غوتيريتش بوضع “اسرائيل” على اللائحة السوداء للدول المنتهكة لحقوق الأطفال، تستطيع فعل كل ما من شأنه اجتثاث فكرة السلام في هذه المنطقة، ما دامت منظومة الدولة الاستعمارية العميقة في الولايات المتحدة الأميركية توفر لها الحماية، وتضمن ألا تطبق عليها قرارات وقوانين الشرعية.
لذا لا بد من وضع هذه المخاطر على طاولة لقاء وطني، محتكم لعقل وطني بقرار مستقل، وإرادة وطنية متحررة من التبعية لأجندات خارجية، فالقادم خطير جدا على وجود شعبنا على ارضه، وعلى كيانه السياسي المتبلور في منظمة التحرير الفلسطينية ممثله الشرعي والوحيد، فهدف المؤامرة واضح جدا، وهو ألا يبقى لنا من الشرعية الوطنية ما يمثلنا، وألا نقوى على رسم مستقبلنا! لكن هذا يشجعنا على التشبث أكثر بمبدأ تطبيق الحل السياسي الشامل في اليوم التالي، وجوهره قيام دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة وعاصمتها القدس الشرقية.