الحكومة تشكّلها أميركا والقرار 1701 تطبّقه اسرائيل

أحمد عياش

أتت المعلومات التي أوردتها “رويترز” أوّل من أمس، لتزيل الالتباسات حول الموقف الأميركي من تشكيل الحكومة الجديدة. وتتركز معلومات الوكالة على أمر رئيسي: لا مشاركة لـ “حزب الله” في هذه الحكومة.

أثارت هذه المعلومات ولا تزال، لغطاً يكاد أن يقلب الطاولة التي يجلس إليها الرئيس المكلف نواف سلام. وترافقت هذه المعلومات أيضاً مع اجتماع الأخير مع “الخليلَيْن” من “الحزب” و”أمل”. فهل يستطيع سلام ومعه رئيس الجمهورية جوزاف عون مواجهة الموقف الأميركي هذا؟ ألا يشبه حال عون وسلام في هذا الحالة المثل القائل: “العين لا تعلو على الحاجب”؟

وصل الموقف الأميركي الأول من نوعه على متن وكالة أنباء عالمية، في وقت واحد مع الصواريخ التي أطلقت من على متن الطائرات الحربية الإسرائيلية على أهداف في البقاع. وأتت هذه الصواريخ لتثبت أنّ الحرب التي كان من المفترض أن تنتهي في 27 تشرين الثاني الماضي ما زالت مستمرة.

وبدا أنّ اللجنة الخماسية التي تترأسها الولايات المتحدة الأميركية والمكلّفة تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار، والذي بدأ سريانه في ذلك التاريخ، كمن يعتمد “فضيلة الصمت”. وتركت اللجنة الأمر بعهدة بيان صادر عن الجيش الإسرائيلي الذي ترافق مع صيحات استنكار من “حزب الله”.

وتضمّ اللجنة في عضويتها لبنان، باعتبار أنّه البلد المضيف للحرب التي نشبت بين إسرائيل و “حزب الله” منذ تشرين الأول عام 2023. لكن لبنان اعتصم بدوره بالصمت حيال احتمال انزلاق اتفاق وقف إطلاق النار إلى عتبة “اتفاق على إطلاق النار”.

يستدعي الصمت الرسمي في قضيتيّ الحكومة والقرار 1701، واللّتيْن لا ثالث لهما من حيث الأهمية، التأمل واستخلاص العبر. كما يستطيع “حزب الله” الذي ما زال يملك صوتاً مرتفعاً بالرغم من تبدّل أحواله، أن يشنّ حملة لا هوادة فيها ضدّ هذا الصمت. ويمكنه أن يتّهم، إذا ما أراد، الدولة بـ”الخيانة العظمى” لتفريطها بالسيادة الوطنية في قضيتيّ تأليف الحكومة الجديدة والدفاع عن الأراضي اللبنانية. لكن “الحزب” لم يشنّ هذه الحملة ، كما أنّه لم يدن الدولة.

دخل لبنان رسمياً في مرحلة يصدر فيها الأميركي أوامره ويطلق الإسرائيلي صواريخه. وفي المقابل، يستعين المسؤولون على قضاء حوائجهم بالكتمان. ويواصل “حزب الله” الصراخ.

ينطلق موقف الإدارة الأميركية في عهد الرئيس دونالد ترامب، من أن كلمة هذه الإدارة في انطلاقة لبنان الجديدة هي التي يجب أن تمشي. وتقضي هذه الكلمة على سبيل المثال، أن تكون حقيبة وزارة المال في الحكومة الجديدة خالية تماماً من شبهة “ثنائي الخليليْن” . وأفهمت واشنطن كلّ من يعنيه الأمر، وباللغة العربية التي يتقنها السيد مسعد بولس مستشار ترامب للشؤون العربية والشرق الأوسط، أن لا أموال يهديها أحد في العالم للبنان إذا ما كانت حقيبة المال تعاني من عوارض “الثنائي”.

وينطلق الموقف الإسرائيلي من قاعدة أنّ الحرب التي شنتها الدولة العبرية ضدّ “حزب الله”، ودفع لبنان قبل “الحزب” أثماناً هائلة بسببها، لن تتوقف. وستستمر هذه الحرب ما دام هناك سلاح بحوزة “الحزب”، ليس في لبنان فحسب، بل في كل مكان ترصده إسرائيل في العالم.

وينطلق الموقف الرسمي من المثل القائل “العين بصيرة واليد قصيرة”. علماً أنّ أصحاب هذا الموقف، يستطيعون لو أرادوا، اللجوء إلى سلاح الموقف والذي أثبت فعاليته إذا كان من أجل الدفاع عن حق مشروع، وما مات حق وراءه مطالب.

وينطلق موقف “حزب الله” من أنّ الحرب التي بدأها أمينه العام السابق حسن نصرالله في 8 تشرين الأول 2023، أي غداة الحرب التي شنتها حركة “حماس” في غلاف قطاع غزة، لم تنته بعد.

يتّسم الموقفان الأميركي والإسرائيلي بوضوح لا لبس فيهما. ويتّسم الموقفان الرسمي و”الحزب” بغموض لن يبشرا بوضوح في زمن قريب.

ماذا بعد؟ يجيب الوضوح الأميركي أنّ الرئيس المكلّف سيصعد قريباً إلى قصر بعبدا ليعلن بعد لقائه رئيس الجمهورية تشكيل حكومة جديدة وفق ما تقتضيه “المصلحة الوطنية”. ويتبيّن بعد قراءة أسماء الوزراء أن أجنحة ملائكة ترامب ترفرف فوقها.

كما يجيب الوضوح الإسرائيلي، أن مهلة هدنة 18 شباط الجاري لن تكون نهائية إذا لم يعلن رسمياً أن القرار 1701 قد طبّق على كامل الأراضي اللبنانية على جانبيّ جنوب الليطاني وشماله.

سيسأل أحد عن مصير غموض الموقف الرسمي وصراخ “الحزب”؟ سيأتي الجواب الذي لا لبس فيه وهو أن الغموض الرسمي سيستمر. ومثله سيستمر صراخ “الحزب”، من دون أن يقدم كل منهما أو يؤخّرا شيئاً في مجرى الاحداث.

* نقلا عن “نداء الوطن”

تابعنا عبر:

شاهد أيضاً