الدولة الفلسطينية ليست منّة من المستعمر ولا مكافأة

موفق مطر

“الدولة الفلسطينية ستكون مكافأة للارهاب وحماس”، نسمع هذه المقولة الجديدة بهذه الصيغة منذ انطلاق المؤتمر الدولي لتطبيق حل الدولتين، يرددها وزراء ومسؤولون كبار نقلا عن رئيس حكومة ائتلاف الصهيونية الدينية بنيامين نتنياهو الذي ابتدعها، متذرعا بالسابع من اكتوبر 2023، ظانا بقدرته على خداع العالم، والقفز فوق الحقائق التاريخية والوقائع الراسخة في الذاكرة وغير القابلة للنسيان أو التبديد، وتكمن خطورة هذا الادعاء بخطاب حماس الذي لا ينفك ناطقوها عن الترويج للسابع من اكتوبر وضرورة تكرار تجربة العنف المسلح في الضفة الفلسطينية المحتلة تحت عنوان “المقاومة” وغيرها من المصطلحات التي ثبت استخدامها للتغطية على تواطؤ الصهيونية الدينية مع الجماعة الاخوانية، لوأد الدولة الوطنية الفلسطينية، عبر ضرب مقومات وأسباب الانتقال من السلطة الوطنية الى استحقاق الدولة، فساسة الاحتلال الذين يقولون: “إن الدولة الفلسطينية ستكون هبة للارهاب وحماس” على يقين بأن الدولة الفلسطينية حق للشعب الفلسطيني، انتزعه عبر عقود من الكفاح والنضال، متوج بنضال قانوني وسياسي وسلمي، وان الشرعية الدولية قد ثبتت هذا الحق بالدولة الفلسطينية على حدود 4 حزيران 1967 في قراراتها، بما في ذلك الولايات المتحدة الأميركية التي لم تعترض على قرار مجلس الأمن 2334 سنة 2016، حيث تم التأكيد على: “أن المستوطنات الإسرائيلية في الأرض الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967 “ليست لها أي شرعية قانونية” وتمثل “انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي” و”عقبة رئيسية” أمام السلام. ودعا مجلس الأمن إلى ايقاف بناء المستوطنات، ومنع العنف والاستفزازات، والعمل على تحقيق حل الدولتين” أما قرار الأمم المتحدة رقم 181 سنة 1947 فقد نص على تقسم فلسطين، حيث يبقى المواطنون الفلسطينيون في دولة عربية فلسطينية بواقع 49% من مساحة فلسطين التاريخية والطبيعية، أي ضعف مساحة الدولة الفلسطينية المقررة الآن بما فيها العاصمة (القدس الشرقية) وزد على ذلك أن حكومات اسرائيل السابقة منذ اتفاق اوسلو الموقع من رئيس الحكومة الاسرائيلية اسحاق رابين ووزير الخارجية شمعون بيريس والموثق بالكنيست قد اعترفت بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلا شرعيا ووحيدا للشعب الفلسطيني ووافقت على قيام هذه الدولة في الضفة بما فيها القدس الشرقية وقطاع غزة بعد خمس سنوات من الاتفاق، أي سنة 1999 لكن اسراع الارهاب الصهيوني باغتيال رابين، وتطوع حماس لضرب الاتفاق واستحقاقاته، برهنا على المصلحة المشتركة (الاخوانية – الاسرائيلية) لإسقاط مشروع الدولة الوطنية الفلسطينية، وتوجّه نتنياهو ليس للتغاضي عن تنامي قوة حماس والتغافل عن تهريب السلاح الى القطاع وحسب، بل لتسهيل وصول ما يقارب 40 مليون دولار شهريا لحماس بالحقائب، تحملها سيارات الشاباك الاسرائيلي الى حدود قطاع غزة.

يعلم هذا الصهيوني الذي يردد أن الدولة الفلسطينية بعد 7 اكتوبر ستكون خطرا وجوديا على اسرائيل ومكافاة لحماس، وذاك الحمساوي الذي يرجع الصدى بمقولة: إن 7 اكتوبر قد ادت الى هذا الاجماع الدولي على حل الدولتين، أن مشروع قيام سلطة وطنية على أي ارض فلسطينية يتم تحريرها، تؤدي لقيام دولة فلسطينية ديمقراطية كان قراراً استراتيجياً اتخذه المجلس الوطني الفلسطيني سنة 1974 وعرف حينها ببرنامج (النقاط العشر)، وذلك قبل تأسيس فرع الاخوان المسلمين في فلسطين (الجمعية الاسلامية) سنة 1976التي منحت الترخيص من الشاباك الاسرائيلي (الأمن العام) ردا على البرنامج السياسي الفلسطيني وبعد تحالف القوى الوطنية ونجاحها في الانتخابات البلدية حينها، وقبل تسليح فرع الاخوان مع ابتداء بناء مؤسسات السلطة الوطنية سنة 1994، فمشروع الدولة الفلسطينية الحديثة سابق لإنشاء اسرائيل ذاتها، والشعب الفلسطيني الحر لا يقبل منة ولا هبة ولا مكافأة من المستعمر، وإنما ينتزع حقا مشروعا من اجل الانتصار للسلام .