يواصل رأس المحور الممانع انتهاك سيادة الدولة اللبنانية. ولِمَ يفعل غير ذلك ما دام قد تعوَّد على تحصيل المكاسب من هذه الانتهاكات؟
وفي هذا الإطار تندرج تغريدة السفير الإيراني لدى لبنان مجتبى أماني، التي حرَّم فيها نزع السلاح، على اعتبار أنها من البديهيات الحافظة مصالح مشروعه الإقليمي، ولعله لم يستوعب في البداية كيف تجرأت الخارجية اللبنانية على استدعائه للإبلاغ والتنبيه بعدم التدخل في الشؤون اللبنانية. وبعدما استوعب واستدرك ولبى دعوة الاستدعاء، اضطر إلى التوضيح، مبرراً التخلف بالانشغال، وتذرع كما هي العادة بتفادي «أي التباس أو سوء فهم محتمل بين البلدين بشأن محتوى التغريدة»، وأيضاً حذر من «تمكين الأعداء من إيقاع الفُرقة بين إيران ولبنان».
وكـأن ما كان بين البلدين هو علاقات ودية، وكأنها لم تكن وصاية تلامس الاحتلال مع بابٍ عالٍ ومندوبين ساميين، كانوا يطلون متى يشاؤون، ويرمون بوجه حكومات ارتضت الوصاية أوامرهم التي أنزلت بالبلاد والعباد حروباً علمنا وذقنا ويلاتها، بالإضافة إلى شتى أنواع الانتهاكات بفعل مصادرة السيادة.
واليوم يريد لنا رأس المحور، الذي استبق تلبية الاستدعاء بإطلالة إعلامية أعاد من خلالها تفسير التباسات الانتصار وفق القاموس الممانع، أن نقتنع بتناقضات طرحه بشأن استفاضته بشرح ماهية هذا الانتصار الذي، إن حصل، يستوجب منطقياً انتفاء الحاجة إلى السلاح، ليعود إلى التأكيد على الهزيمة بقوله إن «في لبنان يوجد احتلال، يوجد هجوم، يوجد الخطر الإسرائيلي، هناك فئة موجودة (حزب الله) يريدون الدفاع عن أنفسهم».
أما التصريحات الإنشائية الجوفاء التي تكرر «دعم استقلال الجمهورية اللبنانية وسيادتها واستقرارها وأمنها، واستعداد إيران الكامل لتعزيز الدعم وتوسيع آفاق التعاون الثنائي في مختلف المجالات»، فهي لا تبدد استباحة الدولة التي يحسب المحور أنها حقه الشرعي.
ولعل هذا الرأس يحتاج إلى فترة انتقالية، على ما يبدو، ليفهم أن ذراعه لم يعد يمسك برقبة الدولة، ولم تعد تنفع الرسائل الموجهة إلى الشيطان الأكبر، لتحسين شروط المفاوضات باستخدام الورقة اللبنانية، ليس لأن هذه الدولة بدأت تخطط وتعمل لتصبح أقوى وسيدة قرارها، ولكن لأن المحور بات مهزوماً من رأسه إلى أذرعه، متجاهلاً أنه خسر الرهان مع مغامرة «طوفان الأقصى» التي لم يكن العدو الإسرائيلي ينتظر إلاها كفرصة ليوسع نطاق أعماله الإجرامية، كاشفاً رعونة الأذرع وهشاشة قدراتها العسكرية والمخابراتية، حتى يبيد أبرياء غزة ويحوِّل الجنوب اللبناني إلى أرض محروقة.
أم أن رأس المحور لا يفكر حتى بالمرحلة الانتقالية، فخياراته محدودة، ولم يعد يملك إلا «حزب الله» وتهديدات مسؤوليه بقطع اليد الممتدة إلى السلاح، لذا تنصبُّ جهوده لدعم «الحزب» في عرقلته قيام الدولة في لبنان، حتى تبقى الساحة مفتوحة لأطماعه وأجندته، فإذا أصاب له أَجْران، وإن أخطأ يبقى له أَجْر المحاولة والاستيعاب والاستدراك.. حتى يقضي الله أمراً كان مفعولاً..
نقلا عن “نداء الوطن”