الروائي والاديب الفيلسوف الفلسطيني د. نافذ الرفاعي قمة في العطاء الوطني والفكر العالمي.

د.صالح الشقباوي

استاذ الفلسفة / جامعة الجزائر

( وقل الحق يا صالح، فمن شاء ان يصدق ويقتنع ، ومن شاء ان يكذب ويفتري،لكن الحقيقة واحدة لا تتعدد)

الكتابة عن قامة ادبية وفلسفية فلسطينية بحجم الروائي والقاص د.نافذ الرفاعي هو عمل ليس سهلا ، خاصة وان من تكتب عنه قد نجح حقيقة في مزاوجة الفكر الفلسفي مع الفكر الادبي، وانتج من تزاوجهما فكرا صاحب البعد الثالث بجديده وبنياته وحتى انساقة، وهذا يشابه الى حد كبير جدا ما فعله الفيلسوف كانط..والذي زاوج التجربة بالمعقول ليوحد وحدتهما في مولود ثالث لاصل المعرفة ، وهذا ما فعله الفيلسوف غاستن باشلار ايضا صاحب الفلسفة التطبيقية ، والذي طالب الباحث الابستمولوجي ،ان يقف ع مفترق الطريق بين الواقعية والعقلانية،هناك يستطيع ان يدرك الحركة الجديدة لهذه الفلسفات المتضادة ، والحركة المزدوجة التي بها يبسط العلم الواقع ويعقد العقل ، وفي ذلك تتضاءل المسافة بين الواقع المفسر الى الفكر المطبق.
هنا اسجل ملاحظاتي الاولية كدارس للشان الفلسفي ومتذوق للبعد الادبي ، وزواج الضرورة بين كيانهما الواحد ..حيث نجح اخي د.نافذ في سلوك هذا المسار وزاوج بين الفلسفة والادب ، والوحيد من ترك بصمته في هذا الزرع هو الشاعر الكبير محمود درويش..لذا اجد ان اخي د.نافذ في هذا المستوى من التحليل متعمدد المداخل موحد المخارج، اي انه صاحب فلسفة ديالكتيكية منفتحة، وادب متعدد المناهج، بعد ان بدأ قراءتة انطلاقا من خيار العقلنة والعقلانية ،من فلسفة الرفض، من العقلانية التطبيقة، صاحبة الفكر العلمي الجديد، بمعنى آخر اقول ان القراءات المتعددة لفلسفة نافذ الرفاعي، تفضي في النهاية الى قراءة واحدة اصيلة ذات جودة فكرية عاليه


تضع نافذ في حجمه الطبيعي ومستواه الادبي الحقيقي، تنزع عنه اغشية اتهم بها كثيرة ، فقد كان قويا ، مبدعا يخدم معول الهدم والنقد في اجزاء ادبية مستحدثة استعارت تشبيهاتها وافكارها وحتى لغة مفرداتها من العصر الاندلسي المنقرض،
وتتباها بها وتنشرها فوق احبال حضورها المناسباتية المملة ..والتي سأم الناس من تكرارها…فهي مقولات جاهزة، منغلقة ع ذاتها مما جعلها تمارس فعلها في ميدان بعيد عن اصلها الفلسطيني ، وتسعى الى بلوغ غايات هي غير مؤهلة لتصورها اصلا، وهذا ما يجعل اديبنا الفيلسوف نافذ يزداد شعوره بالازمة وعدم الانسجام. بل والاغتراب ، صحيح ان الطابع الادبي هو الغالب ع انتاج اخينا نافذ ، لكن ذلك لا يقلل بحال من من اهمية الفلسفة ، خاصة اذا كان هو نفسه يرى ان الفلسفة ستظل دائما ع اتصال دائم بالادب، واللغة ، والانطلوجيا والابستمولوجيا ، يؤمن اخي نافذ ان الادب بدون تأطير فلسفي نظري يحيد ان طريقة ويتوه في ادب الأندالوسيات القديمة ، بعد ان تفقد واسطة اتصالها بالحياة الواقعية لتحلق من جديد في سماء المثل المجردة والبعيدة عن اهتماماتنا الفلسطينية الوطنية…ونافذ ليس هو الوحيد المدافع عن شرعية الفعل الفلسفي وضرورتة في عصر الكيانية الوطنية الفلسطينية الكبرى، وانا بدوري كاستاذ للفلسفة اشاطره هذا التوجه
وان كان ذلك من وجهة مغايرة فالفلسفة هي نظرة ضرورية من حيث ارتباطها بالميتافيزيقا، ومن حيث ان الانسان سيظل دوما متعطشا لمعرفة المزيد من الوعي المعرفي، طالما اننا وصديقي واخي نافذ مؤمنين ان الفلسفة تمثل التطلع الآبدي للعقل الانساني نحو المعرفة ، وهذا هو بالضبط ما يجعل الفلاسفة يتشبثون دائما بالمسائل الوطنية التي ما تزال في منأى عن الوطن.