عاد المواطن السعودي حميدان التركي إلى المملكة، بعد قضاء ما يقارب 19 عامًا وراء القضبان في سجون الولايات المتحدة، بعد صدور حكم بإغلاق ملف قضيته واختتام الإجراءات القضائية ضده.
المواطن السعودي تم ابتعاثة للدراسة في أمريكا قبل حوالي 20 عامًا، لكن تم القبض عليه بتهمة حيازة مواد كيميائية يمكن استعمالها في تنصيع مركبات أو مواد قد يساء استخدامها من قبل الجماعات المتطرفة.
حاول التركي التبرير بأن هذه المواد تخص دراسته حيث أنه مبتعث لدراسة الكيمياء وبالتالي هذه المواد من صميم احتياجات دراسته، لكن السلطات الأمريكية لم تقتنع بروايته وتمت محاكمته وحكم عليه بالسجن 10 سنوات.
بعد القبض عليه تقدمت خادمته ببلاغات منها عدم سداد راتبها ومحاولة الاعتداء عليها، ونفى التركي أيضا هذه الاتهامات، لكن السلطات الأمريكية لم تقتنع بما قدمه من حجج وتم الحكم عليه بالحبس 6 سنوات أخرى.
وأعلنت السلطات الأمريكية في مايو 2025 الإفراج عن حميدان التركي، المواطن السعودي الذي ظلّ محتجزًا لنحو 20 عامًا في سجون ولاية كولورادو، وذلك بعد نقض الحكم السابق وإعادة النظر في قضيته التي لطالما أثارت الجدل محليًا ودوليًا.
مشاعر مختلطة من الفرح والدموع شهدها مطار الرياض، لحظة وصول حميدان التركي إلى أرض الوطن بعد 19 عامًا من الغياب، وسط استقبال حار من عائلته ومحبيه.
وتداول الجمهور صورًا ومقاطع تظهر لحظة نزوله في المطار، وسط التكبير، الدعوات، ودموع لم تستطع أن تخفي الفرحة. البعض وصف هذا المشهد بـ”لحظة فرج طال انتظارها”.
من هو حميدان التركي؟
ولد حميدان علي التركي عام 1969 في المملكة العربية السعودية، ونشأ في بيئة علمية، حيث التحق بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وحصل على بعثة دراسية إلى الولايات المتحدة الأمريكية عام 1995 لمتابعة الدراسات العليا في علم الصوتيات واللسانيات.
سافر التركي إلى أمريكا برفقة زوجته سارة الخنيزان وأبنائه، واستقر في ولاية كولورادو، حيث التحق بجامعة دنفر، ونال درجة الماجستير بامتياز مع مرتبة الشرف الأولى، وكان حينها من الطلاب السعوديين المتميزين أكاديميًا.
إلى جانب مسيرته الأكاديمية، أسس التركي مشروعًا ثقافيًا باسم “دار البشير للنشر والترجمة”، هدفه نشر الكتب الإسلامية المترجمة للجاليات المسلمة في الغرب.
بداية الأزمة: الاتهامات والاعتقال
في نوفمبر 2004، ألقت السلطات الأمريكية القبض على حميدان التركي وزوجته بتهمة مخالفة قوانين الهجرة والإقامة.
وبعد أشهر، وتحديدًا في يونيو 2005، ألقي القبض عليهما مجددًا بناءً على بلاغ من خادمة إندونيسية كانت تعمل في منزلهما.
ورغم أن حميدان وزوجته أنكروا كل الاتهامات، فإن القضية تحولت بسرعة إلى محاكمة جنائية موسعة ضد التركي فقط، بعد إسقاط التهم عن زوجته.محاكمة مثيرة للجدل وحكم بالسجن 28 عامًا
في 31 أغسطس 2006، أصدرت محكمة أراباهو في كولورادو حكمًا قضى بسجن حميدان التركي 28 عامًا بعد إدانته بتهم:إساءة معاملة الخادمة
الاحتجاز غير القانوني
سرقة مستحقات مالية
مخالفة قانون العمل والهجرة
وقد أثارت المحاكمة جدلاً واسعًا، حيث أكد فريق الدفاع أن:الإجراءات القانونية شابها خلل جسيم.
المتهم استخدم حق الصمت لم يقر بالذنب.
المحاكمة تجاهلت الفوارق الثقافية بين السعودية وأمريكا.
الدوافع عنصرية وسياسية في سياق الإسلاموفوبيا بعد أحداث 11 سبتمبر.
محاولات الطعن والاستئناف
قدم حميدان التركي وفريقه القانوني عددًا من طلبات الاستئناف، أبرزها:الاعتراض على كفاءة الدفاع القانوني السابق.
تقديم وثائق وشهادات من مسؤولي السجن تشيد بحسن سلوكه وتأثيره الإيجابي.
إثبات أن الحكم الأصلي يفوق العقوبة المعتادة لقضايا مشابهة.
ورغم رفض المحكمة العليا استئنافًا في 2010، إلا أن تطورات لاحقة أسفرت عن تعديل الحكم إلى 8 سنوات فقط في 2011.الاحتجاز الطويل وإجراءات الترحيل
بعد استكماله الحكم المعدل، ظل حميدان التركي قيد الاحتجاز الإداري من قبل لجنة الإفراج المشروط التي رفضت طلباته المتكررة، إلى أن صدر قرار مفاجئ في مايو 2025 بالإفراج عنه، بعد ثلاث جلسات استماع انتهت باتفاق بين الادعاء والدفاع يقضي بـ:الإفراج الفوري عنه.
تسليمه لإدارة الهجرة والجمارك.
المحكمة اعترفت بخلل قانوني في الحكم الأول.
الإدعاء العام وافق على تخفيف الحكم.
سجلات السجن أشادت بسلوك التركي وتأثيره الإيجابي.
المحاكمة تعرضت لانتقادات لغياب التوازن بين الثقافة السعودية والقانون الأمريكي.