السودان: الناجيات من الاغتصاب والنساء الحوامل يحرمن من الخدمات المنقذة للحياة

القاهرة، 4 حزيران/يونيو 2025 – تُحرم مئات الآلاف من النساء والفتيات في السودان من رعاية التوليد الطارئة أو الدعم بعد تعرضهن للاغتصاب، إذ يؤدي النزاع وصعوبة الوصول وتخفيضات التمويل الكبيرة إلى انقطاع الرعاية واستنزاف الخدمات الصحية الأساسية. ويحذر صندوق الأمم المتحدة للسكان، وكالة الأمم المتحدة للصحة الجنسية والإنجابية، من أنه بدون دعم فوري، ستواصل النساء والفتيات دفع حياتهن ثمناً لهذه الأزمة.

النساء الحوامل في أزمة

يقول أطباء أمراض النساء والممرضات والقابلات لصندوق الأمم المتحدة للسكان إنهم يشهدون تزايدًا في أعداد النساء الحوامل النازحات اللواتي يصلن إلى المرافق في حالة يائسة بعد أشهر من انقطاع الرعاية، وغالبًا ما يعانين من مضاعفات ناجمة عن الإجهاد المستمر وسوء التغذية والإرهاق البدني. وقالت بلقيس، وهي قابلة مدعومة من صندوق الأمم المتحدة للسكان في ولاية القضارف، للصندوق: “بحلول الوقت الذي يصلن فيه، غالبًا ما يكون هناك سباق مع الزمن لحماية صحة الأم أو الطفل أو كليهما. هذه ليست حالات معزولة، بل أصبحت أمرًا معتادا”.

وفقًا لمنظمة الصحة العالمية، تفتقر أكثر من 1.1 مليون امرأة حامل في السودان حاليًا إلى رعاية ما قبل الولادة، والولادة الآمنة، ورعاية ما بعد الولادة، بسبب استمرار انعدام الأمن، وصعوبة الوصول إلى الخدمات، ونقص التمويل. وقد أجبرت تخفيضات التمويل الأخيرة من جانب الجهات المانحة صندوق الأمم المتحدة للسكان على وقف دعمه لأكثر من نصف المرافق الصحية الـ 93 التي كان يمولها. وفي المناطق الأكثر تضررًا من القتال، بما في ذلك مناطق الجزيرة وكردفان ودارفور، وفي العاصمة الخرطوم، فإن 80% من المرافق الصحية بالكاد تعمل أو مغلقة تمامًا.

 

الناجيات من الاغتصاب تُركن بلا حماية

كذلك شهدت خدمات صندوق الأمم المتحدة للسكان للوقاية من العنف القائم على النوع الاجتماعي وعلاجه تخفيضات حادة، مما أجبر المنظمة على تقليص خدماتها المقدمة للناجيات الهاربات من العنف، وإغلاق 11 من أصل 61 مساحةً آمنةً. وكانت توفر هذه المساحات الأمان والاستشارات والعلاج الطبي والإحالات القانونية للناجيات من الاغتصاب. وحالياً، لا تعمل سوى واحدة من كل أربع مساحات آمنة تقدم خدمات الإدارة السريرية لضحايا الاغتصاب في جميع الولايات الثماني عشرة بكامل طاقتها، حيث دارفور وكردفان الأكثر تضررًا.

وحالياً، يواجه حوالي 12.1 مليون شخص في السودان – أي ما يقارب ربعهم، معظمهم من النساء والفتيات – خطر العنف القائم على النوع الاجتماعي. وتضاعف الطلب على خدمات العنف القائم على النوع الاجتماعي ثلاث مرات العام الماضي، وتعرض أكثر من نصف من التمسوا الدعم في المرافق التي يدعمها صندوق الأمم المتحدة للسكان للاغتصاب أو غيره من أشكال الاعتداء الجنسي.

قالت دينا، المتخصصة في العنف القائم على النوع الاجتماعي في السودان، لصندوق الأمم المتحدة للسكان: “إن حجم ووحشية الانتهاكات يتجاوزان أي شيء وثقناه سابقًا. لقد وثقنا حالات عديدة لفتيات مراهقات تعرضن للاغتصاب والعنف الجنسي. تُركت الكثيرات منهن يواجهن عواقب ذلك، بما في ذلك الحمل غير المرغوب فيه، والأمراض المنقولة جنسيًا، والصدمات النفسية العميقة. سيستغرق التعافي من هذا عقودًا. ومع ذلك، لا تزال الناجيات اللواتي نعمل معهن يكافحن من أجل البقاء، ورفع أصواتهن، والنضال من أجل  العدالة لهن”.

نقص التمويل المستمر يعرض النساء والفتيات لمزيد من المخاطر

ظلّ تمويل الوقاية من العنف القائم على النوع الاجتماعي والتصدي له غير كافٍ على الإطلاق لسنوات. في عام 2024، قدّمت الجهات المانحة الإنسانية أقل من 20% من مبلغ 62.8 مليون دولار المطلوب للتصدي للعنف القائم على النوع الاجتماعي في السودان. وإذا ما اقترن ذلك بالتخفيضات الكبيرة هذا العام في خدمات الصحة الجنسية والإنجابية، المرتبطة ارتباطًا وثيقًا بخدمات مكافحة العنف القائم على النوع الاجتماعي، فمن المتوقع أن تتسع الفجوة في الخدمات.

وقالت ليلى بكر، المديرة الإقليمية لصندوق الأمم المتحدة للسكان للدول العربية: “العالم يدير ظهره لنساء وفتيات السودان. إن خفض تمويل المساعدات الإنسانية ليس مجرد قرارات تتعلق بالميزانية، بل هو خيار مصيري. عندما تتلاشى الخدمات التي تحمي صحة النساء وسلامتهن وكرامتهن، ما الرسالة التي نرسلها؟ إن معاناتهن غير مرئية، وأن حياتهن لا قيمة لها. علينا الوقوف بحزم والنضال لحمايتهن وضمان استمرار تقديم هذه الخدمات”.

يدعو صندوق الأمم المتحدة للسكان الجهات المانحة إلى تكثيف التمويل الفوري والعاجل للنساء والفتيات السودانيات. إن الصمت والتقاعس ليس خياراً. على المانحين التحرك الآن، فحياة ملايين النساء والفتيات السودانيات  تعتمد على ذلك.