الشارع الأرجنتيني بنقلب على ميلي

السياسي – تلقَّى الرئيس الأرجنتيني خافير ميلي صفعة انتخابية مدوية في الانتخابات التشريعية في مقاطعة “بوينس آيرس”، التي تضم نحو 40% من الناخبين، بعدما حصل تحالفه على 34% فقط من الأصوات مقابل 47% للمعارضة، في ما وصفها ميلي سابقًا بأنها “معركة حياة أو موت”.

وكشفت صحيفة “ذا غارديان”، أن هذه الهزيمة تمثل أسوأ أداء له منذ تسلُّمه الرئاسة في ديسمبر 2023، وتكشف حجم الفجوة بين وعود الحكومة وواقع حياة المواطنين اليومية.

ويرى الخبراء أن السياسات الاقتصادية المتشددة، التي شملت تخفيض الإنفاق العام، وتسريح عشرات الآلاف من موظفي الدولة، وتحرير الأسواق، اصطدمت بغضبٍ شعبي متزايد، خصوصًا في ظل فضيحة فساد تورَّطت فيها شقيقته كارينا ميلي؛ ما أثار احتجاجات أمام مكاتب الرئيس شملت رمي الحجارة والنباتات.

من جانبها أعربت فالنتينا فيلاجرا، وهي طالبة جامعية في هورلينغهام، عن فقدان الثقة في الحكومة قائلة: “إيجاد وظيفةٍ أصبح صعبًا جدًّا، والأجور منخفضة للغاية؛ ما يؤكّد أن الحكومة اختارت الحفاظ على السلطة على حساب حقوقنا الاجتماعية”.

وبحسب الصحيفة البريطانية، فإن هذه النتيجة تعكس تصدُّعًا في قدرة ميلي على بناء تحالفاتٍ مستقرة داخل البرلمان؛ ما يُعقِّد اتخاذ قراراتٍ إستراتيجية، ويزيد مخاطر المواجهات بين مؤسسات الدولة والمجتمع المدني، كما أن هزيمة ميلي تشير أيضًا إلى تحديات مستقبلية في إدارة العلاقات الدولية؛ إذ قد يُنظَر إلى الأرجنتين على أنها دولة ذات قيادة ضعيفة وسط الاضطرابات الاقتصادية والسياسية الحرجة.

مع ذلك ورغم كل هذه الإشارات التحذيرية، يُصِرُّ ميلي على التمسك بسياساته، مؤكدًا أنه سيُواصل تسريع إصلاحاته الاقتصادية، لكن التحليل السياسي يشير إلى أن البلاد قد تدخل مرحلة أشد صعوبة خلال الانتخابات النصفية في أكتوبر، والتي تشمل تجديد نصف مجلس النواب وثلث مجلس الشيوخ، وقد تحدد مصير الحكومة ومستقبل الرئيس.

وبحسب الصحيفة فإن الهزيمة في “بوينس آيرس” ليست مجرد نتيجة انتخابية؛ بل هي انعكاس لمعاناة المجتمع اليومية، واختبار لمدى قدرة الديمقراطية على التوازن بين السلطة والسياسات الاقتصادية، وبين وعود الحكومة وواقع الناس على الأرض، وفي قلب هذه المعادلة، يبقى المواطنون العاديون هم الأكثر تأثرًا، حيث يختبرون آثار السياسات ويعيشون تبعاتها قبل أي تحليلات سياسية أو دبلوماسية.