تختلف صيغ العلاقة، وعلانيتها، وتفاهماتها السياسية والدبلوماسية بين واشنطن وتل أبيب، انعكاساً للمصالح المشتركة بين الطرفين من جهة، وانعكاساً لتعارض مواقف الأحزاب السياسية الحاكمة، و غالباً ما تطغى مصالحهم الانتخابية، الأميركية والإسرائيلية وتظهر التباينات بينهما، فسياسة الحزب الديمقراطي الأميركي تختلف عن سياسة الحزب الجمهوري، في كيفية التعبير عنها لكليهما، وسياسة الليكود تختلف عن سياسة الأحزاب اليمينية المتطرفة، عن سياسة الأحزاب الدينية اليهودية المتشددة، وكيفية التعبير عنها، وإن كانت تتلاقى بالمضامين الجوهرية، سواء لدى الولايات المتحدة أو لدى المستعمرة، فالدولة العميقة لدى الطرفين: الجيش والمخابرات، هما الأساس الذي يحكم العلاقة بين تل أبيب وواشنطن ويضبطها، مع وجود هامش افتراضي اجتهادي، في التوافق أو في الاختلاف بين حكومتي واشنطن وتل أبيب.
العنوان الثاني الذي يجمع العلاقة بين الطرفين الأميركي والإسرائيلي، بعد العنوان الأول وهو رئاستا الطرفين ووزارتا الخارجية.
فالعنوان الثاني الذي يفرض العلاقة بين الطرفين هو دوائر المخابرات.
فالعلاقة بين المخابرات المركزية الأميركية برئاسة وليم بيرنز مع جهاز المخابرات الخارجية الإسرائيلية الموساد برئاسة دافيد برنياع، وهو مهاجر مع أسرته من ألمانيا وهو مازال طفلا، والذي تولى رئاسة الموساد منذ عام 2021، بعد أن كان نائباً لرئيس الجهاز يوسي كوهين.
و كذلك مع جهاز المخابرات الداخلية الشاباك بإدارة رونين بار الذي تولى رئاسة الجهاز منذ شهر تشرين أول أكتوبر 2021.
وتقوم العلاقة الاستخبارية بين الطرفين الأميركي والإسرائيلي بسرية العمل الاستراتيجي، والتعاون وتنفيذ المهام المشتركة وتبادل المعلومات الكاملة، بعيداً عن الإعلام وكشف المهام، وإظهار الاتفاق أو الاختلاف بينهما، كما تظهر في العلاقات السياسية والدبلوماسية بين الحكومتين.
أما العنوان الثالث الذي يُرسي التعاون الاستراتيجي، والتحالف العميق بين الولايات المتحدة والمستعمرة الإسرائيلية فهو الجيش.
الجيش هو أداة العمل الحقيقية بعد المخابرات، وهو عنوان النجاح أو الإخفاق، مثلما هو عنوان الانتصار أو الهزيمة لكليهما، ولذلك لا يستطيع جيش المستعمرة، ولا يملك قرار تنفيذ أي مهام عسكرية خارج حدود فلسطين بدون موافقة مسبقة من قبل الجيش الأميركي، ومشاركته في القرار، واستعمال الأدوات البرية والجوية والبحرية، بدون خطة مسبقة متفق عليها، وحينما تقول الأطراف السياسية والدبلوماسية الأميركية عن عدم معرفتها المسبقة لهجوم إسرائيلي معين، تكون في حالات كثيرة صادقة في عدم معرفتها، و لا يعود السبب في ذلك إلى حكومة تل أبيب انها لا تعلمهم ، بل يكون الجيش والمخابرات هما من أخفيا مسبقا لعملية التنفيذ عن حكومة بلادهم في واشنطن، إما لعدم تسريب المهام أو الخطة أو العملية عن الإعلام خشية كشف العملية ودوافعها ومهامها، أو لعدم التورط السياسي والدبلوماسي أمام العالم حتى لا تظهر الولايات المتحدة أنها متورطة، وتدعي براءتها من جريمة ما قارفتها المستعمرة ضد آخرين.
ويمكن باختصار الوصول إلى نتيجة أن جيش المستعمرة هو مجرد كتيبة نشيطة، أو لواء تنفيذي مقدام ونشط للجيش الأميركي في المنطقة العربية، فالاتصالات والزيارات والتحدث عن المهام بين وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن الذي تولى منصبه يوم 22 كانون ثاني يناير 2021، بعد أن تولى قائد القيادة المركزية للجيش منذ كانون أول ديسمبر 2012، مع وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف جالنت الذي تولى منصبه مع بداية تشكل حكومة نتنياهو في شهر كانون أول ديسمبر 2022، والاتصالات والعلاقات بين رئيسي أركان الجيش الأميركي جيمس كارلوس ماكونفيل الذي تولى مهامه منذ شهر آب أغسطس 2023، مع رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هليفي، الذي تولى مهامه منذ شهر كانون أول ديسمبر 2022 إلى الآن، بعد أن شغل سابقاً رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية أمان.
نقلا عن جريدة الدستور الأردنية