السياسي – نشرت صحيفة “وول ستريت جورنال” تقريرا أعده بينوا فوكون قال فيه إن الشركات الأمريكية تربحت كثيرا من الحرب الإسرائيلية على غزة. وقال إن الحرب ولّدت مليارات الدولارات لهذه الشركات.
وجاء في التقرير أن الحرب التي امتدت على مدى عامين ربما اقتربت من نهايتها، إلا أنها أدت إلى فتح شريان من التسليح الأمريكي الذي لم يسبق له مثيل، ولا يزال مفتوحا، مما أثمر أعمالا تجارية لشركات دفاعية مثل بوينغ ونورثروب غرومان وكاتربيلر.
وقد شهدت مبيعات الأسلحة الأمريكية إلى إسرائيل ارتفاعا حادا منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2023، حيث وافقت واشنطن على أكثر من 32 مليار دولار من الأسلحة والذخائر وغيرها من المعدات للجيش الإسرائيلي خلال تلك الفترة، وفقا لتحليل أجرته صحيفة “وول ستريت جورنال” بناء على ما كشفته وأفصحت عنه وزارة الخارجية الأمريكية.
وأضافت الصحيفة أن إسرائيل ردت على هجوم حماس في 7 تشرين الأول/ أكتوبر بحرب مدمرة قتلت فيها أكثر من 68,000 فلسطيني منهم ما يزيد عن 18,000 طفل، ودمرت قطاع غزة وزادت من كراهية إسرائيل في دول المنطقة.
ومع ذلك، فقد شكّل القتال في غزة فرصة مهمة لشركات التصنيع الدفاعية الأمريكية، وبدرجة أقل لعمالقة التكنولوجيا الأمريكيين على الساحل الغربي الأمريكي.
وأشارت الصحيفة إلى أن دافع الضريبة الأمريكي تحمل الجزء الأكبر من فاتورة تسليح إسرائيل، حيث تحصل عادة على 3.3 مليار دولار من التمويل العسكري الأجنبي سنويا، وهو رقم تضاعف أكثر من مرتين العام الماضي ليصل إلى 6.8 مليار دولار، ولا تشمل هذه الأرقام المساعدات غير النقدية.
وتقول الصحيفة إن تطور الهدنة الحالية إلى سلام دائم لن يوقف الدعم الأمريكي، ذلك أن عقود التسليح عادة ما يتم التخطيط لها قبل سنوات، وستظل إسرائيل في حرب مع خصومها الإقليميين مثل إيران والجماعات المسلحة في اليمن ولبنان وأماكن أخرى.
وتقول الصحيفة إن الشركة الأمريكية التي حصلت على أكبر عدد من الصفقات الإسرائيلية منذ بدء حرب غزة هي بوينغ. فقد وافقت الولايات المتحدة العام الماضي على صفقة بيع طائرات بوينغ إف-15 المقاتلة بقيمة 18.8 مليار دولار إلى إسرائيل على أن يبدأ تسليمها في عام 2029.
وفي هذا العام، تم التوقيع على شراكات مختلفة، تلعب فيها بوينغ دورا مهما، وتشمل موافقة على مبيعات قنابل موجهة ومعدات مرتبطة بها بقيمة 7.9 مليار دولار. هذا يفوق بكثير مبلغ العشرة مليارات دولار الذي تعهدت إسرائيل بشرائه من بوينغ في عام 2018 على مدى العقد المقبل، وسيمثل جزءا كبيرا من طلبات الشركة الحالية البالغة 74 مليار دولار.
ومن بين الشركات التي استفادت وحصلت على رخص مبيعات الأسلحة، كانت نورثروب غرومان، التي توفر قطع غيار للطائرات المقاتلة، وكذا شركة لوكهيد مارتن، وهي مورد للصواريخ عالية الطاقة والدقة. وأيضا شركة جنرال داينامكس، وهي مورد لقذائف عيار 120 ملم التي تطلقها دبابات ميركافا الإسرائيلية.
وتقول الصحيفة إن أكبر صفقات الأسلحة التي وافقت عليها واشنطن هي للطائرات المقاتلة والقنابل الموجهة جوا، مما يعكس الدور الحاسم للقصف الجوي في الصراع. وتمثل العقود المتعلقة بالعمليات البرية، الجرافات وقذائف الدبابات ومركبات نقل القوات والدبابات، كميات أقل بكثير.
وتجهز مركبات إيتان المدرعة الإسرائيلية، التي استخدمت بشكل واسع في جميع أنحاء غزة، بهيكل من شركة أوشكوش ومقرها ويسكنسن، ومحرك من صنع وحدة رولز رويس الأمريكية في ميشيغان. واستفادت شركة كاتربيلر من الحرب، حيث استُخدمت جرافاتها المدرعة دي-9 لإزالة الأنقاض وتدمير المساكن والهياكل الأخرى في كل مكان بالقطاع. ولم ترد أي من الشركات على طلب التعليق من الصحيفة، فيما أكد متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية بأن “إدارة ترامب تواصل دعم حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، وهي تقود الآن جهدا إقليميا لإنهاء هذه الحرب”.
وفي بعض الحالات، واجهت الشركات ردود فعل عنيفة من المستثمرين والموظفين بسبب مبيعاتها للجيش الإسرائيلي. ففي العام الماضي، باعت ثلاثة صناديق استثمارية نرويجية حصصها في أوشكوش وبالانتير تكنولوجيز وكاتربيلر وثيسنكراب بسبب استخدام منتجاتها في حرب غزة. وفي الأول من تشرين الأول/ أكتوبر، باع صندوق التقاعد الهولندي وهو الأكبر في هولندا، بأكثر من 400 مليار دولار تحت إدارته، حصته البالغة 387 مليون يورو، أو 448 مليون دولار، في كاتربيلر، بسبب مخاوف بشأن غزة.
في آب/ أغسطس، أعلنت ألمانيا أنها لن توافق حتى إشعار آخر على تصدير الأسلحة إلى إسرائيل لاستخدامها في قطاع غزة.
ومنعت شركة مايكروسوفت في أيلول/ سبتمبر وصول وزارة الدفاع الإسرائيلية إلى بعض الخدمات السحابية ردا على احتجاجات الموظفين.
وقبل بدء الحرب، أبرمت مايكروسوفت، وبالشراكة مع غوغل المملوكة لشركة ألفابت، وشركة أمازون، صفقات مع إسرائيل لتزويد الجيش بخدمات الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية. وفي غضون ذلك، دخلت شركة بالانتير، عملاق الذكاء الاصطناعي، التي شارك في تأسيسها بيتر ثيل، حليف ترامب، في شراكة مع وزارة الدفاع الإسرائيلية في كانون الثاني/ يناير 2024. وفي مؤتمر عقد في أيار/ مايو 2025، رد الرئيس التنفيذي لشركة بالانتير، أليكس كارب، على اتهامات أحد المتظاهرين باستخدام إسرائيل لتكنولوجيا بالانتير لقتل الفلسطينيين، قائلا إن القتلى كانوا “معظمهم إرهابيين”. ويشير التقرير السنوي للشركة لعام 2024 إلى أن عملياتها الحالية المتعلقة بإسرائيل لا تؤثر على نتائجها المالية.
وفي رده على أسئلة الصحيفة، أشار متحدث باسم شركة بالانتير إلى بيان سابق جاء فيه أن الشركة “فخورة بدعم مهام الدفاع والأمن القومي الإسرائيلي” و”لديها التزام طويل الأمد بالحفاظ على حقوق الإنسان”، فيما لم ترد أمازون وغوغل على طلبات التعليق.، وكذا مايكروسوفت.
بالإضافة إلى هذا، وجدت الشركات الأمريكية فرصا تجارية للاستفادة من الأزمة الإنسانية في غزة. ففي حزيران/ يونيو، قالت وزارة الخارجية الأمريكية أنها خصصت 30 مليون دولار لمؤسسة غزة الإنسانية، بقيادة مستشار ترامب السابق جوني مور، للإشراف على توزيع المساعدات. واستعانت المؤسسة بمقاولين أمريكيين هما “سيف ريتش سوليوشنز” و”يو جي سوليوشنز” لتوفير الأمن لجهود التوزيع، التي تميزت بالفوضى والعنف.
وفي أحدث تقرير سنوي لها، قالت شركة لوكهيد مارتن إنها استفادت من زيادة التمويل الدفاعي الأمريكي المتعلق بإسرائيل وأوكرانيا، ولا سيما مشتريات الذخائر. وارتفعت إيرادات قسم الصواريخ لديها بنسبة 13% العام الماضي لتصل إلى 12.7 مليار دولار. وقالت شركة أوشكوش إن طلبا إسرائيليا لتزويدها بعربات تكتيكية مد عمر خط الإنتاج الذي كانت تريد إغلاقه العام الماضي.
في أحدث تقرير ربع سنوي لها، قالت شركة ليوناردو الإيطالية للمقاولات، التي تبيع وحدتها الأمريكية مقطورات صهاريج لإسرائيل، إن مبيعاتها الدولية من المتوقع أن تظل مستقرة هذا العام بسبب “الصراعات المستمرة في كل من أوكرانيا وإسرائيل”.
وبالنسبة لشركة بوينغ، التي عانت عامين من انقطاع الإمدادات والإضرابات، كانت مبيعات الأسلحة الدولية بمثابة نقطة مضيئة نادرة. وفي تقرير أرباحها لعام 2024، قالت الشركة إن شركتها التابعة للدفاع تلقت دفعة من “الطلب القوي حيث تعطي الحكومات الأولوية للأمن وتكنولوجيا الدفاع والتعاون العالمي في ظل التهديدات المتطورة”.
وفي الوقت نفسه، تواصل إدارة ترامب دعمها لإسرائيل. وهي تسعى للحصول على موافقة الكونغرس لبيع أسلحة بقيمة تقارب 6 مليارات دولار لإسرائيل، بما في ذلك صفقة بقيمة 3.8 مليار دولار لشراء طائرات هليكوبتر أباتشي من بوينغ، والتي من شأنها أن تضاعف أسطول إسرائيل الحالي من الطائرات.






