الشعاع الحديدي – سلاح إسرائيل الجديد لمواجهة مسيَّرات حزب الله والحوثيين

السياسي – قاد هجوم شنه الحوثيون على تل أبيب، يوم الجمعة الماضي، إلى الكشف عن ثغرة في الدفاعات الجوية لجيش الاحتلال الإسرائيلي، الذي يسعى إلى بناء نظام دفاعي جديد اسمه «الشعاع الحديدي» لمواجهة خطر التهديدات الجوية.

فبينما تمكنت منظومة الدفاع الجوي الإسرائيلية من رصد 65 صاروخا أطلقها حزب الله اللبناني، فاعترضت بعضها وتركت الباقي يسقط في مناطق مفتوحة دون أن يتسبب في وقوع أي أضرار، إلا أنها، وفي اليوم نفسه، أخطأت طائرة مسيرة يُعتَقَد أنها طارت أكثر من 1000 ميل من اليمن، لتنفجر في تل أبيب.

وبحسب ما نشرته صحيفة وول ستريت جورنال، تواجه إسرائيل مشكلة مع الطائرات المسيرة، التي قد تكون صغيرة الحجم ويصعب اكتشافها، كما أنها لا تتحرك في مسارات يمكن التنبؤ بها، ولا تنبعث منها الحرارة الشديدة التي تنبعث من محركات الصواريخ، والتي تجعل تتبعها وتدميرها أمرا سهلا.

وبالإضافة إلى ذلك، فإن الطائرات المسيرة رخيصة ومتوفرة بكثرة، ويجري نشرها بأعداد متزايدة وتطور متزايد.

-هجمات حزب الله على إسرائيل
وأثبت حزب الله قدرته على ضرب إسرائيل بطائرات مسيرة في تبادل إطلاق نار شبه يومي، منذ اندلاع العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، بعد عملية طوفان الأقصى التي شنتها فصائل المقاومة الفلسطينية على مستوطنات غلاف غزة، في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.

وكثيرا ما يرسل حزب الله طائرات مسيرة في وقت واحد، واحدة على الأقل للاستطلاع وأخرى مفخخة، وقد ضربت بلدات حدودية وقواعد عسكرية، مما أسفر عن مقتل وإصابة مدنيين وجنود للاحتلال، كما ضربت معدات عسكرية حساسة، بما في ذلك بالون مراقبة راداري يسمى سكاي ديو في مايو/ أيار، ونظام مضاد للطائرات المسيرة بملايين الدولارات، يسمى قبة الطائرات المسيرة، في يونيو/ حزيران.

-هجوم حوثي على تل أبيب
وأدى هجوم شنه الحوثيون في اليمن، أمس الجمعة، باستخدام مسيرة وصفت بأنها «كبيرة جدا»، إلى مقتل إسرائيلي وإصابة آخرين في تل أبيب.

وأثار الهجوم انتقادات واسعة في إسرائيل نتيجة عدم انطلاق صفارات الإنذار، كما أعاد إلى الأذهان عمليات سابقة نفذها الحوثيون في العمق الإسرائيلي.

وقال الحوثيون «إن قصف تل أبيب استخدمت فيه مسيرة جديدة من طراز يافا، ومنطقة تل أبيب تقع في مدى أسلحتنا، وستكون هدفا رئيسيا لنا».

وسيطرت حالة من الهلع في إسرائيل على خلفية الانفجار الذي وقع شارع بن يهودا، وأسفر عن خسائر بشرية ومادية.

وعلى إثر الهجوم الحوثي، أغلقت الشرطة الإسرائيلية المنطقة، وبدأت عمليات بحث وتفتيش عن الجرحى.

من جهته، قال المتحدث باسم جيش الاحتلال، دانيال هاغاري، في مؤتمر صحفي، إن الطائرة المسيرة التي أصابت تل أبيب انطلقت من اليمن، ويُعتقد أنها إيرانية الصنع، وأُدخلت عليها بعض التحسينات.

وأشار هاغاري إلى أنه خلال هذه العملية لم تعمل صافرات الإنذار، وجارٍ التحقيق في الأمر، مضيفًا: «عززنا الدفاعات الجوية بمزيد من الطائرات».

وقال إن عشرات الطائرات المسيرة أطلقت من اليمن نحو إسرائيل منذ بداية الحرب، مضيفًا: «نحن في حرب متعددة الجبهات، وسنواصل عمليات الهجوم والدفاع، وقد أسقطنا مسيرة أخرى قادمة من جهة الشرق قبل اختراقها للأجواء».

-نظام القبة الحديدية
وفي إطار استفزاز جيش الاحتلال، وإظهار ضعفه، قام حزب الله بإرسال طائرات استطلاع مسيرة، حلقت فوق شمال إسرائيل خلال الأشهر الأخيرة، لجمع صور جوية لمواقع حساسة ونشرها.

وقد واجه نظام القبة الحديدية، وهو نظام الدفاع الجوي الإسرائيلي الشهير، صعوبة بالغة في التعامل مع هذا التحدي، وكان البديل هو إرسال طائرات مقاتلة، وهو حل مكلف وخطير، ومن المحتمل أن يضطر الطيارين إلى التحليق على ارتفاع منخفض في المناطق الجبلية، ويعرضهم لأنظمة حزب الله المضادة للطائرات.

وعندما تفشل كل الحلول الأخرى، يُطلب من جنود الاحتلال استخدام بنادقهم، والتي تم تجهيز بعضها بتكنولوجيا يمكن أن تجعل طلقاتهم أكثر دقة، وفقًا لمسؤولين عسكريين ودفاعيين إسرائيليين.

وبحسب الصحيفة الأميركية، قال أرييل فريش، نائب ضابط الأمن في كريات شمونة، التي تقع بالقرب من الحدود مع لبنان، والتي تعرضت لهجوم من 6 طائرات مسيرة محملة بالمتفجرات على الأقل، منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول: «تحولت الطائرات بدون طيار إلى التهديد الرئيسي من حيث قدرتنا على التعامل معها، لأن الجيش ليس لديه الآن أي وسيلة للوقاية باستثناء استخدام طائرات إف-16.. نحن قلقون للغاية بشأن هذا الأمر».

-ضعف إسرائيلي أمام الطائرات المسيرة
ويشير ضعف إسرائيل أمام الطائرات المسيرة إلى التحديات التي قد تواجهها في أي حرب شاملة مع حزب الله، والصعوبة التي قد تواجهها في الشعور بالثقة في أنها نجحت في القضاء على التهديدات التي يشكلها الخصوم حول حدودها، وهو التهديد الذي تكافح كل الجيوش الحديثة في مواجهته مع استغلال خصومها للتقدم السريع في التكنولوجيا المدنية لتطوير أسلحة رخيصة وعالية الدقة.

وكانت الطائرة المسيرة التي ضربت تل أبيب، في وقت مبكر من صباح الجمعة، نموذجًا كبيرًا، يقول خبراء الدفاع الجوي إنه من السهل إسقاطه.

وقال ضابط كبير في سلاح الجو بجيش الاحتلال، أمس الأحد، إن الطائرة المسيرة اقتربت من البحر الأبيض المتوسط إلى الغرب، وتم التعرف عليها بواسطة الرادار الإسرائيلي قبل دقائق من اصطدامها.

وأضاف: «كان على العاملين في الخدمة أن يقرروا ما إذا كانت طائرة مسيرة إسرائيلية أو طائرة حليفة أو طائرة مدنية أو حتى سرب طيور».

وخلال الحرب، ركز الاحتلال على الهجمات الجوية من الشمال والجنوب والشرق، وفي الواقع، كانت طائرة بدون طيار للعدو قادمة من الشرق في نفس الوقت تقريبًا، وأسقطتها إسرائيل.

وقال الضابط إن مما زاد من تعقيد الأمور أن الطائرة المسيرة الحوثية القادمة من اليمن كانت تحلق على طرق تستخدمها الطائرات المدنية عمومًا، وإن كانت على ارتفاع أقل بكثير.

-1000 طائرة مسيرة
أطلق حزب الله نحو 1000 طائرة مسيرة على إسرائيل منذ بداية الحرب، مستهدفة بشكل أساسي البلدات والقواعد العسكرية على بعد 3 أميال من الحدود، بما في ذلك كريات شمونة.

وقد زاد استخدامها بشكل حاد هذا العام، وأظهر حزب الله قدرته على التعلم والاستفادة من النقاط العمياء في دفاعات الاحتلال من خلال رسم خرائط شمال إسرائيل بطائراتها المسيرة الخاصة بالمراقبة، وهو ما أكدته ساريت زهافي، مؤسسة ورئيسة مركز ألما للأبحاث والتعليم، وهو مركز أبحاث في إسرائيل.

وبحسب تقديرات ألما، تملك المجموعة ترسانة تتألف من 2500 طائرة مسيرة على الأقل، ولديها القدرة على تجميع المزيد من الأجزاء التي توفرها لها إيران.

-بصمات حرارية منخفضة
وتتطلب عملية إسقاط الطائرات المسيرة باستخدام طائرة نفاثة من الطيارين تحديد الأجهزة التي يصعب اكتشافها وتمييزها عن الطائرات المسيرة الصديقة والطائرات الحربية الأخرى والطائرات المدنية.

وقال طيار في سلاح الجو الإسرائيلي إن الطائرات المسيرة لديها بصمات حرارية منخفضة، لذا يتعين على الطائرات النفاثة أن تكون خلفها وأقرب ما يمكن حتى تتمكن الصواريخ الحرارية من الاشتباك معها.

وقال ضابط في القوات الجوية مشارك في اكتشاف التهديدات الجوية، إن الجمع بين الطائرات المسيرة والطائرات النفاثة والطائرات المدنية والطيور الصديقة أو المعادية يشبه «مكعب روبيك في السماء».

يقول صامويل بينديت، وهو زميل مساعد في مركز الأمن الأميركي الجديد، ويدرس حرب الطائرات المسيرة، إن إسرائيل يمكن أن تتعلم من تجربة أوكرانيا.

فبعد عامين ونصف العام من الحرب المكثفة باستخدام الطائرات المسيرة مع روسيا، طورت البلاد حلولا أكثر فعالية من حيث التكلفة للكشف عن هذه الطائرات واعتراضها.

-نشر أجهزة استشعار صوتية
وتشمل هذه الخطط نشر أجهزة استشعار صوتية في مختلف أنحاء البلاد لالتقاط صوت محركات الطائرات المسيرة،كما أنشأت أوكرانيا وحدات دفاعية متنقلة متخصصة محمولة على شاحنات ومسلحة بمدافع رشاشة من عيار كبير وأضواء كاشفة وأنظمة حرب إلكترونية يتم إرسالها بعد ذلك لاعتراض الطائرات المسيرة المقتربة.

وقال ليران انتيبي، الباحث البارز في معهد دراسات الأمن القومي، الذي يحذر من التهديد منذ عام 2013، إن نظام الدفاع الإسرائيلي كان على علم بتهديد الطائرات المسيرة منذ سنوات، لكنه لم يطور حلولاً فعالة في الوقت المناسب.

وقال إيلان بيتون، الرئيس السابق للدفاعات الجوية الإسرائيلية في سلاح الجو، والمسؤول الكبير السابق في صناعات الفضاء الإسرائيلية، إن الطائرات بدون طيار كانت تُعتبر لسنوات «قضية جانبية»، وليست تهديدًا كبيرًا بما يكفي لتحويل الموارد عن الجهود المبذولة لمواجهة الصواريخ والقذائف.

-الشعاع الحديدي
تأخرت الحلول، لكن بيتون كان متفائلاً بأن إسرائيل ستتمكن من إنشاء دفاع متعدد الطبقات ضد الطائرات المسيرة في غضون عام إلى 3 أعوام.

وخصصت وزارة جيش الاحتلال الآن مبالغ أكبر لهذه المهمة، وهي تعمل مع شركات دفاعية كبيرة ومؤسسات تكنولوجية جديدة.

ويدرج برنامج تسريع جديد للشركات الناشئة الإسرائيلية أجهزة الاستشعار للكشف عن الطائرات الصغيرة كواحدة من مجالات اهتمام الوزارة.

ومن بين الاستجابات المتوقعة بشدة «الشعاع الحديدي»، الذي سيطلق ليزرًا مركّزًا لإسقاط التهديدات الجوية.

وقال مسؤول دفاعي إن هذا النظام سيُطرح في وقت ما في عام 2025.

ومن المتوقع أن تتكلف الطاقة المستخدمة في كل اعتراض دولارًا أو اثنين لكل هدف، وهو ما يقل كثيرًا عن استخدام الصواريخ الاعتراضية.

شاهد أيضاً