الشقيري والروقي

كما أن البعض يولدُ فنيّاً وإعلامياً ضعيفاً مضعضعاً، فإن هناك بعضاً آخر يولدُ مضيئاً، يقول: ها أنذا. ومن ضمن الفئة الثانية يمكن بثقة كبيرة أن نشير إلى مقدّم البرامج السعودي أحمد الشقيري، ومواطنه مالك الروقي.
أحمد الشقيري، المولود عام 1973، هو حفيد السياسي أحمد أسعد الشقيري، أحد مؤسسي منظمة التحرير الفلسطينية، الذي عمل في المملكة العربية السعودية بمنصب وزير دولة لشؤون الأمم المتحدة، في عهد الملك سعود ما بين عامي 1957 و1962. وقد درس أحمد وتخرّج في جامعة كاليفورنيا/ بركلي، ويجيد التحدّث باللغات: العربية، والإنكليزية، والصينية، وسبق له أن قدّم السلسلة التلفزيونية الأشهر «خواطر»، وبرنامج «يلا شباب»، ويقدّم في شهر رمضان الحالي برنامج «سين»، على شاشة «إم بي سي-mbc» ومنصّة «شاهد»، والذي يسلّط الضوء على أوجه التطوّر التقني، التي تشهدها المملكة العربية السعودية، والتي تكاد تكون غير معروفة لعدد كبير من أبناء المملكة والأمة العربية والعالم!

أذكر لقائي، قبل سنوات، بأحمد، على هامش «مهرجان طيران الإمارات للآداب»، فهو شخصية كاريزمية، مسكون بهاجس الوقت، كان يتحدّث معي على طريقته، التي توحي لمحدّثه بأن هناك عشرات المواضيع، التي تتصارخ في رأس الرجل، ومؤكد أن أحد أهم مسببات نجاح برامج الشقيري هو ملمحه الشخصي البسيط والمباشر في حديثه، مع قدرة لافتة، لا تخفى على العين، بأن الرجل ممتلئ فكرياً وثقافياً، وأن لا وقت لديه للترهات! في ذلك اللقاء كشف لي أحمد عن أحد أسرار نجاحه، حينما أخبرني: «طالب، كل عام أحاول أن أختلي، لمدة شهر أو شهرين، بنفسي لوحدي، أتأمل في مكان تحيط به الطبيعة، كي يصفو ذهني وقلبي، وكي أجدّد حضوري الإنساني والفكري».

أحمد الشقيري، وفي مختلف البرامج التي قدّمها، لم يكن يسعى إلى شهرة، بقدر ما كان مسكوناً بتقديم مادة إنسانية تجذب الشباب، وتساعدهم على شق طريق حياتهم، وبهذا وجد قبوله ومحبته في قلوب الناس، وها هو يقدم برنامجاً عصرياً شيقاً ومتحرّكاً وآسراً في دورة شهر رمضان الحالية بعنوان «سين»، وهو بكل المقاييس التلفزيونية برنامج تحفة، يمسك بالمشاهد منذ اللحظة الأولى إلى حين ينتهي.

مالك الروقي، المولود عام 1991، والذي تخرّج في جامعة الملك سعود – تخصص دراسات الإعلام، هو أيضاً وجه إعلامي سعودي شاب، فرض نفسه بقوة في مجالي الثقافة والتاريخ، وله أيضاً أسلوبه الرزين والمقنع، الذي عُرف به، وساهم مساهمة كبيرة في توصيله إلى جمهور عريض على امتداد الوطن العربي.

مالك الذي يعمل مديراً للقناة الثقافية، التابعة لمجموعة «إم بي سي-mbc»، وسبق له أن قدّم البرنامج الحواري «السطر الأوسط»، وبرنامج «مالك بالطويلة». هو حاضر هذا العام في استمرار لبرنامجه «مالك بالطويلة»، للموسم السابع، حيث يقدّم بشكل جديد ورصين وقريب إلى القلب رحلة بين أحداث التاريخ والعلوم والفلسفة، وبأسلوب عصري متحرّك وجذّاب. إضافة لما يتصف به مالك من قبول وبساطة وعمق وثقافة تولّد لدى المشاهد منذ اللحظة الأولى إحساساً بأنه أمام وقائع صادقة، خاصة أنها تأتي بأسلوب تلفزيوني حديث ومتقن، مستفيداً من كل تقنيات الذكاء الاصطناعي.

الشقيري والروقي وجهان إعلاميان سعوديان عربيان، يقدّمان برنامجين على مجموعة «إم بي سي-mbc» ومنصة «شاهد»، ويستحقان بحق أن يكونا واجهة فخرٍ للفكر والشاب العربي في لحظة إعلامية عالمية متحرّكة.

أحمد ومالك، دمتما صديقين أعتزُّ بكما!

القبس الكويتية