الصهيونية التطبيق العملي لليهودية

د.صالح الشقباوي

كثيرا هم من لا يريدون تحميل اليهودية اوزار الصهيونية المرتكبة بحق الشعب الفلسطيني، وكثيرا هم من يفصلون بين اليهودية كديانة وصهيونية كقومية، الا انني كباحث مختص في الشأن الصهيوني ، اؤكد ان العلاقة الديالكتيكية
المنبثقة عن طبيعة الامتداد اليهودي ببنية الصهيونية عميق ومتوحد لدرجة القول ان الصهيونية هي جزء تطبيقي لليهوديةجمعت التراث بالسياسة، بعد ان جدلت الامل المسيائي بالامل القومي الامل السياسي اي زاوجت بين الدنيوي والٱخروي..وجعلت من الامل الديني عنوانا كبيرا بل وسببا رئيسيا لبقاء اسرائيل امل دنيوي متحقق بوسائل ٱخروية..كاقامة الدولة اليهودية المستقلة وعاصمتها اورشليم الواحدة.. فوق الارض الموعودة ذات العمق القومي ( الدنيوي او الانساني)…!!!!

ان سعي اليهودية ومعها الصهيونية لاقامة وطن قومي يهودي في فلسطين( الدولة الدنيوية) يحمي الهوية ويصون اليهودية ،كديانة ويحدث في انساقها تجديد ماهوي يحرس الذات اليهودية التي هي قلب الذات والهوية الصهيونية ..فلا صهيونية دون يهودية ولا يهودية دون صهيونية العدو اللدود للمنفى.. الذي حاصرته الصهيونية والغت من اعماقه فكرة الاندماج او الذوبان الماهي والكينوني للذات اليهودية..مع دينمت فكرة العودة…وهذا الفكر يوصلنا الى الحدود العميقة التي قام هرتزل بتفكيكها ورفضها بل وتجاوزها… مثل فكرة انتظار الماشيح، حلول الزمن المسيائي، واحل مكانها فكرة العودة وفكرة اقامة الدولة وفكرة رفض الانتظار للامر الالهي
الخاص بالغاء الدياسبورا..والماشيخ المنتظر…حيث قام هرتزل بايقاظ الهوية الثقافية والتاريخية لشعب اسرائيل
من قلب التوراة ..واستيقاظها من سباتها القومي التاريخي العميق…بعد ان زاوج بين اليهودية كديانة وبين الصهيونية كقومية..واستحضر الثالوث الديالكتيكي الخاص بمفهوم الاله في الديانة اليهودية ” الاله ، الشعب، الارض” واقام مشروعه الصهيوني ع اسس دينية محضه مأخوذة من قلب التوراة(الشريعة، الانبياء، المؤلفات) وانا هنا لست بصدد تقديم عرضا لاسس العناصر التاريخية والجغرافية ، والثيولوجية التي ولدت فيها التوراة،بل انا اناقش ولا اسرد
التاريخ او الفكر او الدين او الدياسبورا…
ان ما يهمني ايضا اثباته للقارئ والتأكيد عليه ان الصهيونية ارتكزت حقيقة في حربها ضد الشعب الفلسطيني ع اليهودية الشمولية وتوراتها التي تسمى بالعهد القديم ، وارتكزت ع اسفارها ( حزاقيل، يوشع، القضاة ، صموئيل) لقتل وحرق وتدمير المكان الكنعاني والانسان ايضا وهذا ما نلمسه من ممارسات عملية بعد دخول قوات يوشع بن نون مدينة اريحا
التي حرقت ودمرت وارتكبت فيها قوات يوشع بن نون افظع المجازر التي لا يشابهها مجاز في التاريخ سوى مجازر نتنياهو ضد شعبنا الفلسطيني في غزة في هذا الزمن المعاصر ،وهنا تكمن الحقيقة وتطل برأسها والتي تؤكد ان الصهيونية اليوشعية القديمة ( نسبة ليوشع بن نون) تتشابه في الدرجة والماهية مع صهيونية نتنياهو وبن غافير المعاصرة وكلاهما يردان مشرب توراتي واحد..ولا يفرق بينهما سوى الوسيلة فيوشع في الزمن القديم شرعت له التوراة قتلنا بحد السيف اما نتنياهو فقد شرعت له التوراة المعاصرة قتلنا بالصاروج والتجويع والتعطيش…يا لها من مقاربات ادراكية متعددة لحقيقة توراتية واحدة.