جاءت الضربة الأمريكية الفاصلة لإيران بعد انتظارٍ أراده ترامب أن يكون على النحو الذي كان، وقد اختار الزمان الذي مهّد له من خلال الضربات الإسرائيلية، التي قامت بما عليها خلال أيام الحرب بينها وبين إيران، وقد بدأت في اليوم الذي تلى انتهاء المهلة التي كان قد منحها الرئيس ترامب والتي امتدت إلى ستين يومًا. فقد كشفت الضربات، خاصة الأولى منها، حجمَ الاختراق ومدى دقّة وقوّة المعلومات التي بحوزة إسرائيل، فكانت، كما مع حزب الله، الضربةُ الأولى هي الضربةَ القاصمة، والأكثر وجعًا وحسمًا، وقد أظهرت قوة إستخبارية هائلة تملكها إسرائيل عن كافة مفاصل الدول في إيران .
وخلال الأيام الماضية، كان رهان نتنياهو وحكومته على ضرورة دخول الولايات المتحدة الأمريكية الحرب، ولم تكتفِ حكومة الكيان بما وفّرته أمريكا من دعمٍ وإسنادٍ وحماية وتمويل غير مشروط، بل عمدت إلى دفع ترامب لاتخاذ خطوة نحو الدخول في الحرب، وضرب المفاعل النووي الإيراني.
من جانبه، كان ترامب يحاول أن ينأى بنفسه وبلاده عن الدخول في المواجهة، حتى جاءت اللحظة التي قرّر فيها ضرب المفاعل النووي بالقنابل والصواريخ الموجَّهة بدقّة، ذات الأهداف المحددة، وفق معلومات إستخبارية غاية في الدقة، وبالفعل أرادها ضربة حاسمة وفاصلة، سريعة وخاطفة، الأمر الذي يرجح سيناريو في الأيام القادمة نحو عودة الضربات بين إيران وإسرائيل كما في الأيام الماضية من دون تدخل الولايات الأمريكية مرة أخرى، إلا إذا لزم الأمر، وهذا مستبعد في ظل القدرات العسكرية والتوازنات، فعلى الأرجح أن المرحلة القادمة لن تشهد تصعيدًا عسكريًا بين أمريكا وإيران، بل ستبقى رحى المعركة تدور في الأجواء بين إسرائيل وإيران، حتى عودة الأخيرة إلى طاولة المفاوضات بالشروط التي وضعتها أمريكا.
نتنياهو يشعر الآن بأنه القوي المنتصر، بعد أن ظهر فشله يوم السابع من أكتوبر عام 2023، إلا أنه اليوم يرى في نفسه المخلص الذي استطاع تدمير البرنامج النووي الإيراني، ذلك الخطر الذي طالما تحدث عنه في العقدين الأخيرين، إلى جانب تفكيك قدرات حزب الله، وهذا سيجعله يتمتع بشعبية أوسع داخل أوساط الكيان.
