سأحاول الربط بين 3 أمور: الاستراتيجية إزاء غزة؛ العملية الإسرائيلية في شمال القطاع، وهل تخدم استراتيجيا معينة؛ والأخلاق القتالية في الجيش الإسرائيلي.
لا يكفي أن نضع استراتيجية من أجل تحديد أهداف الحرب، إذ من الضروري أن نوضح كيف سنحقق الأهداف. وكل خريج من دورة ضباط، يعرف أن أيّ خطة يجب أن تشمل 3 عبارات أساسية: الهدف، ماذا نريد تحقيقه. المهمة، ماذا يجب أن نفعل (من أجل تحقيق الهدف)، الطريقة، كيف ينوون تنفيذ المهمة.
من غير الواضح ما إذا جرى في بداية الحرب توضيح “كيفية” تحقيق الأهداف، لكن اتُّخذ قرار أن “الضغط العسكري وحده” يؤدي إلى تحقيقها. الضغط العسكري يحقق هدفاً واحداً من بين الأهداف الثلاثة، وهو ضرب القدرات العسكرية لـ”حماس”.
يبحث الجيش الإسرائيلي عن نقاط الاحتكاك، ويرسل قواته إلى الأماكن التي يوجد فيها عدد كبير من “المخربين”، والنتيجة وقوع إصابات كثيرة في صفوفنا، وادّعاءات بشأن إلحاق أذى كبير بالسكان. قبل عام، قلت إن استكمال معبر نتساريم يطوّق شمال غزة بأكمله.
لقد كان من الأصح في ذلك الوقت والآن انتهاج خطة بسيطة من مرحلتين: المرحلة الأولى، السماح لكل المدنيين في المنطقة التوجه جنوباً، وبعد ذلك، فرض حصار على عناصر “حماس” الذين بقوا في المنطقة. لأن السيطرة، من دون قتال، على ثلث مساحة القطاع كانت ستخلق، لأول مرة، ضغطاً حقيقياً على “حماس”. وهذا يظهر بشدة في التقارير الاستخباراتية التي تتحدث عن تخوف “حماس” من تنفيذ “خطة الجنرالات”.
وهذا الضغط يمكن أن نوجهه أيضاً نحو موضوع المخطوفين من خلال القول: إذا لم تطلق “حماس” المخطوفين الذين بقوا في قيد الحياة في أقرب وقت، فإنها ستخسر أرض مدينة غزة ومحيطها إلى الأبد… لكن هذا لم يحدث.
بدلاً من ذلك، نحن نخوض معارك ضارية في جباليا، وفي أحياء أُخرى. من الناحية التكتيكية، الإنجازات مذهلة، لكنها لا تساعد على تحقيق هدفين: إعادة المخطوفين، وإسقاط حُكم “حماس”.
في موازاة ذلك، تبرز مزاعم قاسية بشأن الأخلاقية القتالية في الجيش الإسرائيلي. لم أقل قط إن “الجيش الإسرائيلي هو أكثر الجيوش أخلاقيةً في العالم”، لكنني أقول بثقة إن الأخلاقية القتالية في الجيش لا تقل عما هي عليه في الجيوش الغربية. وهذا ليس كلاماً فارغاً. لقد تحققت من هذا الموضوع بصورة جذرية في السنوات العشر الأخيرة، وشاركت في العديد من الندوات التي عالجت هذا الموضوع، واهتممت بالمقارنة بين سلوك الجيش الإسرائيلي وبين سلوك جيوش الولايات المتحدة وإنكلترا وأستراليا في العراق وأفغانستان.
لقد جرت هذه المقارنة من خلال تحليل دقيق لنحو 132 معياراً لذلك، وهي مبنية على أساس جيد. بالإضافة إلى ذلك، قامت وفود أجنبية من الجنرالات، بينهم رؤساء أركان ووزراء دفاع سابقون من دول الناتو، بزيارة لغزة في سنتَي 2014 و2024، وأثنوا على الجيش الإسرائيلي. الكلام عن ارتكاب الجيش الإسرائيلي جرائم حرب لا أساس له من الصحة.
الأمر الوحيد الذي قد يكون فيه بوغي [موشيه] يعَلون على حق، هو الادعاء أن الخطة السياسية الضمنية في شمال القطاع هي خلق وضع يسمح بإقامة المستوطنات، لكن هذا الادعاء موجّه نحو المستوى السياسي.
* غيورا آيلاند هو لواء صهيوني متقاعد ورئيس سابق لمجلس الأمن القومي الصهيوني، وبعد تقاعده من القطاع العام، كان باحثًا مشاركًا أول في معهد دراسات الأمن القومي، وواضع “خطة الجنرالات”.