الظروف الحالية تخلق فرصة نادرة لترتيب الساحة اللبنانية الإسرائيلية

ميخائيل هراري

اتفاق وقف النار في لبنان والتغييرات الدراماتيكية في المنطقة، واساسا في سوريا خلقت امكانية إيجابية لرفع العلاقات بين إسرائيل ولبنان الى مسار مستقر. يدور الحديث عن ظروف غابت لزمن طويل عن الساحة الشمالية في ثلاث مديات زمنية.

في المدى الزمني الفوري، التحديث المركزي هو استقرار وقف النار والتنفيذ الكامل لقرار 1701. المسيرة التي بدأت في الأسابيع الأخيرة تبدو واعدة: رئيس وحكومة جديدين في لبنان يعربان عن التزام لفظي وعملي لتنفيذ القرار وجمع السلاح في يد الدولة. حزب الله يوجد في موقف ضعف واضح. هكذا أيضا ايران، ما يسمح للحكم الجديد في لبنان بالدفع قدما بسياسته.
إسرائيل ملزمة بان تبدي افقا ونضجا كي تسمح للمسيرة المركبة ان تنجح. هذه محقة في ميلها لتغيير سياسة الاحتواء التي اتخذت في الماضي، لكن لا يجب السماح لمحافل تسعى لإحباط المسيرة الواعدة بالوصول الى انهيارها. جدير أن تتخذ إسرائيل سياسة قوة ملجومة قدر الإمكان لاجل السماح للمسيرة اللبنانية الداخلية ان تستنفد الامكانية الكامنة الإيجابية التي فيها.

على لبنان أن يفكر جيدا بالسياسة الإسرائيلية التي بعد الحرب وان يبث سياسة علنية وعملية واضحة – سياسة تشدد على تصميمه على فرض السيادة اللبنانية على كل الدولة. كما أن للاعبين الخارجيين، الولايات المتحدة، فرنسا والسعودية، دور ذو مغزى. عليهم ان يتأكدوا من أن الطرفين يعملان على تنفيذ قرار 1701 وعند الحاجة ممارسة ضغط استراتيجي لهذا الغربي.

في المدى الزمني القريب تتعلق التحديات المركزية بالمفاوضات حول الحدود البرية ومسيرة نزع سلاح حزب الله، شمالي نهر الليطاني أيضا. نجاح المفاوضات في مسألة الحدود سيساعد جدا في تحقق التحدي الثاني. جدير التفكير بتقسيم المفاوضات حول الحدود الى قسمين، والبدء بالنقاط التي لا يوجد حولها خلاف تقريبا (12 من اصل 13 نقطة). من المهم ان يضفى على المفاوضات الإسرائيلية – اللبنانية طابع سياسي – مدني، وليس بالذات لاجل السعي منذ الان لاتفاق سلام، بل لاجل تعويد الرأي العام في الطرفين على الحوار السياسي، وليس فقط الأمني، بين الدولتين.

في المدى الزمني المتقدم، في ظل النجاح في المسائل الفورية، من الحيوي التركيز على جانبين اساسيين: على إسرائيل أن تهجر الخط القتالي في اظهار قوتها العسكرية. فقد سبق لهذه ان ثبتت.  حذار على إسرائيل أن تظهر كمتدخلة في المسيرة اللبنانية الداخلية.
في الجانب الثاني، الخطاب الجماهيري حول اتفاق سلام وان كان مبكرا، ويربط العربة امام الحصان، لكن توجد له أهمية كبيرة. في الساحة اللبنانية بالذات بما في ذلك ساحة حزب الله يجري بحث جماهيري مشوق يجد تعبيره في تنوع الآراء. يجدر بنا أن نتركه للجمهور الغفير دون أن نخلط هذا الان بتصريحات رسمية. نوصي السماح لمحافل المجتمع المدني من الطرفين تعميق البحث بينها ونزع الحظر عن وجودها.

ان الظروف الحالية تخلق فرصة نادرة لترتيب الساحة اللبنانية الإسرائيلية. توجد “شهية دولية” لضمان النجاح في الجبهة الشمالية، وبالتأكيد عندما لا تكون تلك الجنوبية، الفلسطينية، واعدة على الاطلاق.

المصدر: معاريف