العدوان الإسرائيلي على سوريا… تحدٍّ صارخ للأمن القومي العربي

عمران الخطيب

العدوان الإسرائيلي المتكرر على الأراضي السورية، وآخره قصف مقر هيئة الأركان في قلب العاصمة دمشق، إضافة إلى العمليات العسكرية البرية في الجنوب السوري بمحافظة درعا، واستهداف آليات الجيش والأمن السوري في السويداء، ليس مجرد اعتداء على سوريا فحسب، بل تدخل سافر في الشأن الداخلي لدولة عربية مستقلة، وعضو مؤسس في جامعة الدول العربية، وعضو في الأمم المتحدة.

إسرائيل، بذريعة “مناصرة دروز سوريا”، تمارس انتهاكًا صارخًا للسيادة السورية، متناسية أن الزعيم الوطني السوري سلطان باشا الأطرش، قائد الثورة ضد الاستعمار الفرنسي، كان أحد رموز الكرامة الوطنية السورية. ما تقوم به “إسرائيل” اليوم هو إهانة لتاريخ سوريا المقاوم، وعدوان على كل الأمة العربية، وليس فقط على سوريا.

وإذا نظرنا إلى الصورة الأوسع، فإن العدوان الإسرائيلي المتواصل على سوريا ولبنان، والإبادة الجماعية المستمرة في قطاع غزة، والاعتداءات اليومية في الضفة الغربية، كلّها تؤكد أن الصراع ليس فلسطينيًا إسرائيليًا فقط، بل صراع إسرائيلي مع الأمة العربية كلها.

في الضفة الغربية، أُجبر أكثر من 100 ألف فلسطيني على النزوح، بعد تدمير منازلهم. وفي قطاع غزة، وبعد مرور أكثر من 650 يومًا على العدوان، تم تدمير ما يقارب 90-100% من البنية التحتية، وسُجل ما يزيد عن ربع مليون شهيد وجريح ومعتقل.

هذا المشهد الدموي الممتد من غزة إلى الضفة، ومن لبنان إلى سوريا، وصولاً إلى التهديد لإيران، يؤكد أن “إسرائيل” تسعى لفرض هيمنتها الكاملة على منطقة الشرق الأوسط، بل وتسعى لتقويض كل مقومات الأمن القومي العربي.

منذ وقف إطلاق النار على الجبهة المصرية في حرب أكتوبر 1973، عملت “إسرائيل” على فصل المسارات؛ فتوقفت العمليات العسكرية على الجبهة المصرية، لكنها واصلت عدوانها على الجبهة السورية. واليوم تعيد” إسرائيل” تكرار نفس السيناريو، عبر توسيع رقعة الاستهداف لتشمل لبنان وسوريا، وربما لاحقًا العراق، مصر، الأردن، الجزائر أو السعودية.

ما يحدث الآن يطرح سؤالًا كبيرًا على النظام العربي الرسمي:
هل أدركتم أخيرًا أن “إسرائيل” كدولة احتلال لن تستثني أحدًا، حتى الدول التي وقّعت معها اتفاقيات سلام أو طبّعت علاقاتها؟

إن المشروع الإسرائيلي المسمّى بـ”النظام الإبراهيمي” لا يضمن الأمن ولا الاستقرار، بل يسعى لتفكيك المنطقة وإخضاعها. والمطلوب اليوم، وأكثر من أي وقت مضى، إعادة النظر في آلية التعاطي مع الكيان الصهيوني، والوقوف صفًا عربيًا وإسلاميًا موحدًا في مواجهة هذا الخطر الوجودي.

الأمن القومي العربي ليس شعارًا، بل مسؤولية تاريخية يجب أن نحميها جميعًا.