تدين الجبهة العربية الفلسطينية بأشد العبارات القرار الصهيوني بمنع دخول وفد من وزراء خارجية خمس دول عربية وتركيا إلى مدينة رام الله في الضفة الغربية المحتلة، وترى فيه تجاوزاً صارخاً لكل الأعراف الدبلوماسية، واعتداءً جديداً على السيادة الفلسطينية وعلى الدور العربي والدولي الداعم لشعبنا في معركته المصيرية ضد الإبادة والاحتلال.
إن منع الوفود الدبلوماسية من الوصول إلى الأراضي الفلسطينية، في وقت يتعرض فيه شعبنا في غزة والضفة لأبشع جرائم الإبادة والتهجير والعدوان، يكشف عن مدى تغول الاحتلال في سياساته الفاشية، وعن استعلائه على المجتمع الدولي، بل وتحديه السافر لإرادة الدول التي لا تزال تحاول لعب دور إنساني أو سياسي في وقف حمام الدم الذي يتعرض له شعبنا.
وإننا نعتبر هذا القرار الصهيوني، ليس فقط انتهاكاً للقانون الدولي، بل اعتداءً مباشراً على الكرامة والسيادة الوطنية لكل دولة عربية وإسلامية مستهدفة بهذا المنع، وهو يؤكد مرة أخرى أن الاحتلال لا يعترف إلا بمنطق القوة، ولا يحترم إلا من يخضع لإملاءاته، ولا يريد شهوداً على جرائمه في الأرض الفلسطينية.
وفي ذات السياق، فإن التصريحات المنسوبة إلى وزير الخارجية الأمريكي، والتي هدد فيها بمنع دخول كل من يوجه انتقادات لإسرائيل إلى الولايات المتحدة، تمثل سقوطاً أخلاقياً مدوياً يعري مرة أخرى طبيعة السياسة الأمريكية المنحازة كلياً لكيان الاحتلال. وهي تصريحات تمثل قمة الفجور السياسي، وتكشف أن واشنطن لم تعد فقط شريكاً للاحتلال، بل أصبحت لسان حاله وسيفه الممتد الذي يجلد به كل صوت حر يرفض الصمت على جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي ترتكبها إسرائيل بحق شعبنا.
لقد تجاوزت الإدارة الأمريكية في موقفها هذا كل القيم الديمقراطية وحرية التعبير التي تتشدق بها، وسقطت في فخ التواطؤ الأخلاقي مع الاحتلال، بل أصبحت تتصرف كسلطة احتلال بالنيابة، تمارس العقاب الجماعي السياسي على كل من يتجرأ على قول الحقيقة أو الوقوف في وجه المذبحة المستمرة في غزة والضفة.
إننا في الجبهة العربية الفلسطينية، نؤكد أن هذه السياسات والمواقف، سواء من الاحتلال أو من حلفائه في واشنطن، لن تثنينا عن مواصلة معركتنا الوطنية، بل ستزيدنا إصراراً على الصمود والمواجهة، كما نطالب كل الدول التي تم الاعتداء على وفودها برفع الصوت عالياً في المحافل الدولية ضد هذه العربدة الصهيونية، واتخاذ إجراءات سياسية واقتصادية بحق الاحتلال، تشمل وقف كل أشكال التطبيع، وقطع العلاقات الدبلوماسية معه.
وفي هذا الإطار، فإننا ندعو الدول العربية، التي طالتها هذه الإهانة المباشرة من قبل الاحتلال، إلى اتخاذ موقف قوي وحاسم وموحد تجاه هذا القرار الخطير، باعتباره استهدافاً صريحاً للدور العربي وللإرادة السيادية لكل دولة، ولمنع تكرار مثل هذه الممارسات التي تمس هيبة الموقف العربي في لحظة بالغة الخطورة تمر بها القضية الفلسطينية والمنطقة بأسرها.
كما نطالب السلطة الوطنية الفلسطينية بالرد على هذا السلوك العدواني بقرارات سياسية حازمة، باستدعاء كل أدوات الاشتباك مع الاحتلال في كل المحافل، وعلى رأسها المحكمة الجنائية الدولية، وأن يتم التعامل مع ما جرى باعتباره تطوراً خطيراً في سلوك الاحتلال يستدعي تحركاً فلسطينياً موحداً.
ختاماً، فإن كل محاولات العزل والتضييق والابتزاز التي يمارسها الاحتلال وحلفاؤه لن تنجح في طمس حقيقة جرائمه، ولن تحجب مشهد الدم الفلسطيني الذي أصبح شاهداً صارخاً على وحشية هذا الكيان ومن يدعمه.