كشفت منظمة العفو الدولية، في تقرير حقوقي حادّ، أن أجهزة الأمن التابعة لحركة حماس في قطاع غزة شنّت حملة قمع شرسة ضد متظاهرين فلسطينيين خرجوا للاحتجاج على الواقع الكارثي الذي يعيشونه، وعلى تقاعس سلطات الأمر الواقع في القطاع عن حمايتهم خلال الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل.
وجاء في التقرير أن سكانًا من مناطق بيت لاهيا وجباليا والشجاعية وخان يونس تظاهروا في الأشهر الماضية، رافعين شعارات تطالب بوقف الحرب ونددت بحماس، لكنهم قوبلوا بعنف أمني ممنهج، شمل الضرب بالعصي، التهديد بالقتل، الاستدعاءات القسرية، والاتهام بالخيانة.
حق يُقابل بالقمع
قالت إريكا غيفارا روساس، مديرة البحوث والسياسات في منظمة العفو:
“من المخزي والمخجل أن تعمّق سلطات حماس من معاناة الفلسطينيين في غزة بالضرب والتهديد فقط لأنهم رفعوا أصواتهم وقالوا: نريد أن نعيش”.
وأضافت:”الاحتجاج السلمي ليس خيانة، بل حقّ أصيل. ومن المُريع أن تُتهم أُسَر مفجوعة بالخيانة بينما تفقد أطفالها تحت القصف”.
شهادات تُدمي القلب
المنظمة قابلت 12 شخصًا – من بينهم امرأتان – شاركوا في المظاهرات أو نظموها. تحدثوا عن أساليب قمعية شرسة:
شاب من بيت لاهيا قال إن عائلته أُبيدت بالكامل في قصف إسرائيلي، لكنه تعرض للضرب والاتهام بالعمالة للموساد فقط لأنه شارك في تظاهرة.
قال آخر:”ضربوني على رقبتي وظهري. قالوا لي: أنت خائن، عميل. فقط لأنني قلت: أريد أن أعيش.”
النصيرات…. مدخل الزوايدة
المواطنون يقتحمون مخزن ل #حماس pic.twitter.com/IP47HwRK9R— زاهر ابو حسين (@ZAHERABUHUSIEN) May 28, 2025
امرأة نظمت وقفة نسائية قالت إن زوجها وأبناءها تعرضوا لتهديدات أمنية بسبب مشاركتهم في التظاهرات، فقررت النساء الخروج وحدهن لتوصيل الصوت.
طالب يبلغ من العمر 18 عامًا أكد أنه تلقى تهديدات بإيذاء عائلته إن استمر بالمشاركة.
في إحدى الحالات، اعتُقل خمسة شبان من حي العطاطرة، واحتُجزوا في مبنى سري تابع لحماس حيث تعرضوا للضرب على يد أكثر من 50 عنصرًا أمنيًا بلباس مدني.
“لسنا خونة… نريد أن نعيش!”
أحد المتظاهرين – وهو من عناصر حركة فتح – قال بوضوح:
“لم يعد الأمر فتحًا أو حماس… الناس في غزة اليوم يريدون أن ينجوا، فقط أن يعيشوا.”
واستنكر أن يتم وصم المتظاهرين بالعمالة لمجرد خروجهم للمطالبة بوقف الحرب، واعتبر أن الحكومة في غزة “لا تكترث، ولا تملك حتى شجاعة الإصغاء”.
سخط شعبي واسع من تصريحات حماس
ازدادت حدة الاحتجاجات عقب تصريح سامي أبو زهري، المتحدث باسم حماس، الذي قال إن “الشهيد يُعاد إنتاجه”. وهي عبارة أثارت موجة من الرفض الشعبي والغضب العارم في مختلف مناطق القطاع.
سيدة مهجّرة من بيت لاهيا ردّت على التصريح قائلة:”أعد بناء بيتي إن شئت، لكن هل تعيد لي أحفادي؟ هل يُعاد إنتاج ابن عمتي وأطفالها الثلاثة؟! هذه قسوة تفوق القصف.”
حماس تكرر القمع القديم في جحيم جديد
وذكّر تقرير منظمة العفو بأن هذا القمع ليس جديدًا، إذ سبق لحماس أن قمعت احتجاجات كبرى في 2019 بنفس الأساليب. ووفق التقرير، فإن الأجهزة الأمنية تستخدم:
الاستدعاءات دون إذن قانوني
الضرب بالعصي
الاعتقال التعسفي
التهديد بتصفية المعارضين
بل وتُتهم باستخدام اتهامات “العمالة” كأداة ترهيب وتخويف لكتم أي صوت يخالف روايتها الرسمية.
العفو الدولية تطالب بمحاسبة المسؤولين
طالبت منظمة العفو الدولية سلطات الأمر الواقع في غزة بـ:
وقف فوري للاستدعاءات الأمنية بحق المتظاهرين
محاسبة من ارتكبوا انتهاكات أو وجهوا تهديدات
احترام حرية التعبير والتجمع السلمي
السماح للصحفيين والمعارضين بالعمل دون ترهيب
واختتمت روساس تصريحها بالقول:”في وقتٍ بات فيه بقاء السكان على المحك، يجب ألا يُكافَأ الصمود الشعبي بالقمع والاتهامات. الناس خرجوا ليطالبوا بالكرامة، فكونوا على قدر اللحظة.”