السياسي – يشهد العراق في الآونة الأخيرة تناميا ملحوظا في الاهتمام بالتداول الرقمي والعملات المشفرة، وسط فراغ قانوني واضح وغياب الضوابط التي تحكم هذا النشاط المستجد.
ومع تصاعد وتيرة الاستخدام بين بعض الفئات، تتزايد المخاوف من الانعكاسات الاقتصادية والأمنية لهذا الانتشار غير المنظم، خاصة في ظل هشاشة البنية التحتية المصرفية وغياب التوعية المجتمعية.
وبين غموض الأطر التشريعية ومحدودية قدرات الرقابة، يظل التداول الرقمي في العراق واقعاً غير مضبوط يهدد بتعميق الفوضى المالية وفتح الباب أمام عمليات الاحتيال والسطو الإلكتروني في بيئة غير محصنة بعد لمثل هذه التحولات.
قال خبير اقتصادي: “العراق يحتاج إلى رقابة وتشريعات واضحة لتنظيم عمليات التداول الإلكتروني واستخدام العملات الرقمية، في ظل التطورات المتسارعة التي يشهدها العالم في هذا المجال”.
وأوضح أن العملات التقليدية كانت مدعومة سابقاً بالذهب، ما منحها قيمة ثابتة، في حين أن العملات الرقمية مثل “البيتكوين” تفتقر إلى غطاء مادي، وتعتمد قيمتها فقط على العرض والطلب والتداول الدولي، إضافة إلى الدعم أو الحماية التي قد توفرها بعض الدول.
وأشار إلى أن “العالم يتجه بشكل متسارع نحو تقليل الاعتماد على الكتلة النقدية الورقية، مقابل تبني التداول الإلكتروني واستخدام العملات المشفرة، ما يفرض على العراق ضرورة مواكبة هذه التحولات الاقتصادية والتقنية”، مبينا أن “العراق، كجزء من المجتمع الدولي، لا يمكنه البقاء بمعزل عن هذه المتغيرات، لا سيما في ما يخص نقل الأموال وسهولة التداول عبر الوسائل الرقمية”.
وكشف محافظ البنك المركزي العراقي، علي العلاق، في وقت سابق، عن توجه البنك لإطلاق عملة رقمية مصرفية، تهدف إلى استبدال العملة الورقية تدريجياً، إذ أشار خلال كلمته في مؤتمر ومعرض المالية والخدمات المصرفية التاسع، إلى أن “القطاع المالي والمصرفي يمر بتحولات جوهرية، من أبرزها تراجع الاعتماد على النقد الورقي لصالح المدفوعات الرقمية المرتبطة بالبنوك المركزية”.
لكن في 16 كانون الأول 2024، أعلن البنك المركزي العراقي أنه لم يمنح أي رخصة لشركات تعمل في مجال تداول الأسهم أو المعادن أو العملات المشفرة، مؤكداً عزمه اتخاذ جميع الإجراءات القانونية بحق الشركات الوهمية.
وفي بيان رسمي، أشار البنك، إلى تزايد نشاط بعض الجهات التي تروج لنفسها كشركات مرخصة للتداول الإلكتروني، محذراً المواطنين من الانخداع بمثل هذه الادعاءات، ومؤكداً أن تلك الشركات لا تمتلك أي ترخيص رسمي من قبله.
يذكر أن مصرفي الرافدين والرشيد (الحكوميان)، أصدرا تحذيراً مشتركاً بشأن استخدام أدوات الدفع الإلكتروني في تداول العملات الرقمية والفوركس، مؤكدين أن هذا التحذير يأتي التزاماً بتوجيهات البنك المركزي العراقي.
ودعا المصرفان الزبائن إلى الامتناع عن استخدام البطاقات المصرفية والمحافظ الإلكترونية وغيرها من وسائل الدفع الرقمية في هذا النوع من المعاملات، مشددَين على أن استخدامها في تداول العملات الرقمية والأسواق غير المرخصة يُعد مخالفة للتعليمات النافذة.
وأعرب الباحث في الشأن المالي محمد وناس، عن قلقه من الانتشار المتسارع للعملات الرقمية في العراق، محذراً من خطورة هذا التوسع في ظل غياب الغطاء المادي والتنظيم الأمني والاقتصادي اللازم.
