الغارديان: السلام هو العدو الحقيقي لنتنياهو

السياسي – نشرت صحيفة الغارديان البريطانية تحليليًا لاذعًا يتهم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالسعي إلى ما وصفته بـ”حرب أبدية” في الشرق الأوسط، سواء ضد إيران أو في قطاع غزة وساحات أخرى، باعتبارها أداة للبقاء السياسي والتهرّب من المحاسبة.

وتقول الصحيفة، إن التصعيد الأخير بين دولة الاحتلال الإسرائيلي وإيران لا يعني أن الحرب قد انتهت. فحتى بعد التوصل إلى وقف إطلاق نار غير معلن بين الطرفين في أعقاب الضربة الإسرائيلية لإيران في وقت سابق من الشهر الجاري، ما زالت الأجواء مشحونة وقابلة للانفجار في أي لحظة.

وأكدت الصحيفة أن النظام الإيراني، وإن بدا متضررًا، لا يزال متشبثًا بالسلطة، وينطبق الأمر ذاته على نتنياهو الذي وصفته الغارديان بأنه “أكبر محبي الحروب” في المنطقة.

وترى الغارديان أن نتنياهو يرفض الاستسلام لفكرة انتهاء الحرب، إذ إن استمرارية النزاعات الإقليمية أصبحت جزءًا من استراتيجيته للبقاء في السلطة.

تقول الصحيفة: “حتى لو صدق ترامب حين قال إن المنشآت النووية الإيرانية قد دُمّرت، فإن خبرة إيران النووية ومخزونها من اليورانيوم المخصّب لم يُدمّرا. عند أول بادرة، حقيقية كانت أو متخيلة، لإعادة البناء، سيُعاود نتنياهو وحلفاؤه الهجوم بالتأكيد”.

وأشارت الصحيفة إلى أن نتنياهو قد يلجأ إلى استغلال المواجهة مع إيران سياسيًا، خاصة أنه يفكر، بحسب بعض التقارير، في إجراء انتخابات مبكرة، على أمل أن تغطي مغامراته العسكرية على إخفاقاته السابقة، لا سيما فيما يتعلق بهجوم السابع من أكتوبر 2023، وخيبة الأمل العامة بسبب استمرار احتجاز الأسرى في غزة.

-حرب لا تنتهي في غزة والضفة

لا تتوقف انتقادات الغارديان عند الملف الإيراني. فالصحيفة تؤكد أن ما يحدث في غزة والضفة الغربية جزء من ذات النهج الذي يقوده نتنياهو.

فمنذ مارس الماضي، تقول الصحيفة، خرق نتنياهو وقف إطلاق النار من جانب واحد في غزة، وبدأ حملة عسكرية واسعة النطاق أسفرت عن قتل آلاف المدنيين الفلسطينيين، بينما تُرتكب مجازر شبه يومية في مناطق مثل رفح، وفي الضفة الغربية حيث يهاجم المستوطنون والجيش مراكز توزيع الغذاء والبلدات الفلسطينية.

تضيف الغارديان: “لا يتوقف نتنياهو عن القصف العسكري. فلماذا نتخيل أنه سيختلف في موقفه مع إيران؟”.

وترى الصحيفة أن نتنياهو لا يرفض الحروب الأبدية كما يفعل معظم القادة الذين عايشوا تجارب كارثية كتدخلات الغرب الطويلة في العراق وأفغانستان، بل يعتبر الحرب دعامته الأساسية للبقاء السياسي، وإبقاء خصومه في الداخل تحت السيطرة، وحجب قضايا الفساد التي تطارده.

-السلام عدو نتنياهو

تذهب الغارديان إلى أبعد من ذلك حين تؤكد أن السلام هو العدو الحقيقي لنتنياهو، لأنه ببساطة يُخرجه من دائرة الأضواء، ويجعله عرضة للمحاسبة وربما السجن.

تقول الصحيفة: “عنف الدولة المستمر يُدمّر الديمقراطية والشرعية والحكم الرشيد”. وتحذر من أن الولايات المتحدة، في عهد ترامب قد تسير على النهج ذاته، لكن حرب ترامب الأبدية ستكون هذه المرة ضد “العدو الداخلي”، على حد تعبير الغارديان.

-إيران لم تسقط… بل ازدادت صلابة

تلفت الغارديان إلى أن حسابات نتنياهو قد تأتي بنتائج عكسية. إذ إن الهجمات الإسرائيلية الأخيرة على إيران لم تؤدِ إلى إضعاف النظام، بل على العكس، عززت المشاعر الوطنية في الداخل الإيراني، وأدت إلى التفاف الإيرانيين حول قيادتهم، ما أضعف احتمالات التغيير من الداخل.

تقول الصحيفة: “القنابل الإسرائيلية حشدت الدعم الشعبي والمشاعر الوطنية. هوجمت إيران بناءً على كذبة. لم تدعم المخابرات الأمريكية ولا الأمم المتحدة ادعاء نتنياهو بأنها كانت تسلح”.

وترى الغارديان أن غياب إدانة أوروبية واضحة للقصف الإسرائيلي على إيران يساهم في زيادة انعدام الثقة بين إيران والغرب، ما قد يدفع طهران إلى استئناف مساعيها النووية بوتيرة أسرع أو البحث عن قنبلة جاهزة من كوريا الشمالية.

-نتنياهو يهدد الاستقرار الإقليمي

تختتم الغارديان تقريرها بالتحذير من أن الشرق الأوسط يقف على حافة الانهيار نتيجة السياسات العدوانية التي ينتهجها نتنياهو، مدعومًا أحيانًا برئيس أمريكي لا يفهم تعقيدات المنطقة ولا عواقب مغامراته العسكرية، في إشارة إلى ترامب.

تكتب الصحيفة: “إن عبثية هذه الحرب مذهلة. لم تُحقق أي نتيجة إيجابية تُذكر. بل تسببت في بؤس ودمار وانعدام أمن. نادرًا ما تُفضي القوة الغاشمة إلى تحقيق غايات سلمية. عادةً ما تُؤجج المشاكل القائمة — وهذا ما حدث هنا”.

وتخلص الغارديان إلى أن حرب نتنياهو الأبدية تهدد ليس فقط الفلسطينيين أو الإيرانيين، بل استقرار المنطقة بأسرها، وتزيد احتمالات دخول الولايات المتحدة نفسها في دوامة صراعات جديدة قد لا تتمكن من الخروج منها بسهولة.