الغباء الاصطناعي: قفزة في الدراسات المستقبلية للعلاقات الدولية

وليد عبد الحي

 

لا جدال في أن ” قفزة الذكاء الاصطناعي” تشكل احد ابرز النقلات التقنية في ميادين السلم والحرب في العلاقات الدولية، وهنا قفز الى ذهني فكرة في أن الذكاء الاصطناعي يتمثل في تسخير الآلة لتقديم بيانات ومعلومات وأفكار ومناهج تفكير تبدعها برامج الذكاء الاصطناعي، ولكن هذا التوجه يتمركز حول صاحب العلاقة أو المستفيد ، اي أن الآلة او الذكاء الاصطناعي يوسع ” لي أنا ” وبدرجة هائلة مجال المعرفة ومناهج توظيفها وبدائلها ، وهنا خطر على تفكيري الفرضية التالية : ماذا لو اردت ان أضيق المجال على عدوي من خلال الآلة بأن اجعلة أكثر غباءً ؟ واقترحت بيني وبين نفسي ان اسميه “الغباء الاصطناعي”( Artificial Stupidity)، وبدات رحلة التفكير في الموضوع، وكم كانت دهشتي عندما وجدت مقالات ومؤتمرات ونقاش واسع حول “الغباء الاصطناعي”، لكني لم اجد ضالتي ، فهذه الدراسات والمؤتمرات تتركز حول المشكلات التقنية والاخلاقية والمنهجية المترتبة على الذكاء الاصطناعي، وهو ليس ما ابحث عنه، بل انا اريد البحث في احتمال تطور التقدم التقني ليجعلك تفكر بالطريقة التي أريدها أنا ، وتبني برامج ذكاء اصطناعي ولكن لتوصلك الى نتائج غير صحيحة تحت وهم اعتقادك بأنك تفكر بشكل صحيح، وهنا بدأت رحلتي ، فماذا وجدت ما يجري التفكير فيه :
1- ان اجعل ذكاءك الاصطناعي في مستوى أقل ، أي ان تقوم برامج الذكاء الاصطناعي التي لديك بتقديم “مادة اقل جدوى”(لاحظ في الالعاب الاصطناعية يتم تزويد احد اللاعبين ببدائل اكثر من اللاعب الآخر لان برنامج الذكاء يريد هزيمة أ وانتصار ب)، وهنا كيف اتسلل الى برامجك لا لتخريبها بل لجعلها تعمل لصناعة “غبي” كأن يقدم لك بدائل تبدو أنها صحيحة ومقنعة ومفيدة ولكنها لا تنتهي لهدفك المنشود.
2- ان تقدم لك بدائل تنتهي –بعد زمن كاف- الى نتائج غير اخلاقية ، اي ان يقدم لك حلولا ناجعة ومضمونة من جانبها المادي ، ولكنها على المدى الابعد تقود الى نتائج اخلاقية سلبية جدا ، لكن الغباء الاصطناعي يقدمها لك في البداية لتبدو بأنها لا تتناقض مع الاخلاق.
3- بدأ العاملون في الدراسات المستقبلية بطرح بعض الاسئلة حول موضوعات مفترضة مثل :
أ‌- فن تقديم معلومات تبدو مقنعة علميا لكنها غير صحيحة.
ب‌- الآثار المستقبلية لطبيعة وعي الآلة والحوسبة العاطفية.
ت‌- غرس افكار خاطئة في عقل سياسي دون ان يدرك هذا التسلل الالكتروني .
ث‌- كيف تضع برنامجا ذكيا لصناعة الفوضى؟
ج‌- احتمال الانتقال لجعل ممثلي الدول في المؤتمرات او المفاوضات مجرد “روبوتات صناعية ” ويتم التسلل لمنظومة بياناتها لجعلها تفاوض بما اريد انا لا ما يريد من تمثله هذه الروبوتات .
ح‌- التلاعب بالراي العام من خلال تمويهات تقنية ومقنعة حتى للنخب لكنها في جوهرها تقود لنتائج عكسية.(لاحظ انه حتى الآن لم يتم حسم موضوع وباء الكورونا، فهل هي نتيجة اختبارات صينية ام تجربة عسكرية لسلاح بيولوجي ام انفلات من احد المختبرات ام وباء طبيعي او وباء مفتعل تقف شركات الادوية وراءها…وكل واحدة من هذه الاحتمالات ستجد كما كبيرا من المعلومات التي تبدو منطقية ومغلفة تغليفا علميا بل ومقنعة).
خ‌- تحويل آلات الخصم العسكرية الى آلات غبية مثل : اطلاق النار على الهدف الخطأ، او تتسبب في اختراقات اخلاقية كبيرة ، أو تقود لتصعيد الصراع طبقا لما اريد أنا لا صاحبها.
د‌- انتاج اعصار أو تسونامي الكتروني لتحويل كل ذكاء الكتروني الى غباء.
ذلك يعني ان الغباء الاصطناعي يعني انتاج مقصود ومخطط له لمعرفة “صحيحة” اولا ومقنعة عقليا ثانيا ولكن يتبين ضررها المادي والمعنوي الشديد بعد فترة مستقبلية …ارجو ان لا يكون مقالي ” غباء اصطناعيا”.