الغرب عارياً – وبعض الأعراب أيضا

حمزة زوبع

السياسي – “قد تكون هذه مشاهد مقرفة لذوق البعض، لكن حفل افتتاح أولمبياد باريس2024 الذي استمر 3 ساعات كان مدهشا ورائعا وبديعا، وركز على قيم العدالة والمساواة والحرية والأخوة”.. تغريدة عبد الخالق عبد الله الأكاديمي الإماراتي في معرض تعليقه على حفل افتتاح أوليمبياد باريس 2024.
” أنا منفتح الذهن جدا ولكنني أعتقد أن ما قاموا به كان مهينا”..  الرئيس الأمريكي السابق والمثير للجدل في أمريكا والعالم دونالد ترامب.
“إنهم يتخلون تدريجاً عن الروابط الروحية والفكرية مع الخالق والوطن والأسرة.. مما أدى إلى تدهور القيم الأخلاقية العامة في المجتمع، كما رأيتم إذا شاهدتم حفل افتتاح الأولمبياد أمس (الجمعة)”.. فيكتور أوربان رئيس وزراء المجر في تعليقه على الحفل ذاته.

هل لاحظت شيئا عزيز القارئ، العربي المسلم الذي لا تعرف بلاده معنى للحرية ولا المساواة ولا العدالة وسجونها مليئة بالأبرياء من الرجال والنساء يمتدح حفلا ماجنا روج للانحطاط الأخلاقي في أسوأ صورة ومشهد، ويتحدث كما لو كان أوروبيا عاريا يمشي متسكعا في شوارع باريس وعلى الطريقة المصرية في الأفلام القديمة يمسك بيده زجاجة ويسكي ويميل يمنة ويسرة قائلا أنا جدع.. أنا جدع.
هذا الأعرابي القادم من أطراف الجزيرة العربية التي شرفت بظهور الإسلام وانتشاره شرقا وغربا يصف انحطاط الباريسيين بأنه أبرز قيم التسامح والأخوة والإنسانية التي لا مكان لها في الحقيقة على أرض الواقع في فرنسا ولا في غيرها من دول الغرب.
ويتحدث الأكاديمي الإماراتي عن الروعة والجمال والإبداع في حفل باريس 2024 ولا أعرف كيف طاوعه قلبه كيف يصف البغاء والمثلية والبيدوفيليا بالروعة والجمال، ولا أفهم أين الإبداع في النيل من رسول كريم هو المسيح عيسى بن مريم الذي كرمه الإسلام ورفع شأنه حين نال منه أتباعه وأرادوا النيل منه ومن أمه مريم عليها السلام؟ ما هو الإبداع في جلب المتحولين جنسيا إلى مسرح الأحداث في مشهد صارخ ومؤذي للفطرة وللنفس السليمة؟
لقد انتفض دونالد ترامب وهو من هو من حيث فضائحه الجنسية وقبح سلوكه وعنجهيته السياسية لكنه وللحقيقة يقف موقفا قويا ضد الميوعة والمثلية والإجهاض، في الوقت الذي لم ينتفض فيه من يدعي أنه مسلم وعربي وتربى في بيئة محافظة أو هكذا كنت أتصور.
انتفض  رئيس وزراء المجر المسيحي فيكتور أوربان  ضد الإنهيار الأخلاقي الأوروبي الذي امتدحه عبد الخالق عبد الله الذي كان ينبغي له أن يخجل من نفسه عوضا عن أن يمتدح ما اتفق الأوروبيون على قبحه وسوء مخبره.
الكنيسة الفرنسية على ضعفها وقلة حيلتها وتراجع دورها في المجتمعات الغربية وخصوصا الفرنسية اعترضت على تشويه صورة سيدنا عيسى بن مريم واعتبرت المشاهد التي تناولته في العشاء الأخيرة مشاهد مؤسفة.
حتى رجل الأعمال المصري المسيحي نجيب ساويرس وهو ليبرالي متحرر أو هكذا يبدو غرد بالإنجليزية منتقدا “أمر غير محترم وذوق سيء للغاية”، ولا أعرف لماذا انفرد عبد الخالق عبد الله دون خلق الله بمدح الحفل وتصويره على أنه عمل مبدع ومدهش إلا أن تكون هذه تعليمات السيد محمد بن زايد لكي يجامل من خلال غلامه فرنسا ويظهر بن زايد كمتحرر وليبرالي كاره للفطرة والأخلاق بحجم كراهيته للإسلام والمسلمين.
الغرب الذي لطالما وصف نفسه بالحضارة والتحضر بدا لي محتضرا تائها باحثا عن هوية مفقودة ومجد ضائع، فلا هو حافظ على أخلاق الكنيسة ولا تعاليم المسيح عليه السلام، ولا حتى الفطرة السليمة للإنسان، ولا أنتج منتجا ثقافيا قابلا للبقاء والاستمرارية، والمشكلة هنا لا تنحصر في الغرب فله أجندته وله طريقته في الحياة والتي أراها كما رآها كثير من المفكرين والمثقفين الغربيين أنها طريقة للتدمير الذاتي، لكن المشكلة في هؤلاء الإمعات التُبع الذين بهرتهم أضواء الغرب وهرولوا نحوها كهرولة  الظمآن الذي يحسب السراب ماء فلما جاءه لم يجده شيئا ووجد الله عنده فوفاه حسابه.
الغرب أصبح عاريا كما عبر بصدق فيكتور أوربان، وانهيار الأخلاق في الغرب هو آخر مسمار في نعش ما سمي بالحضارة الغربية، وأتصور أن الغرب في احتضار وليس تحضر وفي انهيار وليس تقدم ولم يعد لديهم من شيء يقدمونه للبشرية بعد أن جردوا الإنسان من ملابسه وعرضوه في فترينات العرض الجنسية في أكبر الشوارع والميادين كسلعة لراغبي المتعة، ليس بعد هذه الحضيض من حضيض وليس بعد هذا القاع من قاع.

المصيبة أن الغرب الذي بات عاريا يريد كل الحضارات الحقيقية مثله عارية من الأخلاق والأدب والدين والقيم، لا يستحي هذا الغرب ولا يتورع عن شن حروب على دول تختلف معه وتصطدم حضارتهم مع حضارته العارية معلنا أن هذه الحروب من أجل تقديم نموذج التحضر الغربي للشعوب (المتخلفة حضاريا) في المنطقة العربية والدول المسلمة.
لقد صدقت أجيال عربية ومسلمة  كثيرة شعارات الغرب وحيله الاستعمارية الملتحفة بشعارات براقة عن الحرية والمساواة والعدالة ولكن شعوبنا لم ترى منهم سوى الظلم والعدوان والعنصرية والكبت والقهر ، و المؤسف أنه لايزال البعض من بني جلدتنا يكاد يذهب بريق الزيف الغربي بأبصارهم وعقولهم فيمتدحون القبح والسوء ويفضلونه على قيم الإسلام النبيلة والجميلة والعظيمة والحقيقية غير المزورة أو المزيف.
الغرب يبدو عاريا ولكن للأسف ثلة من بني جلدتنا باتت أكثر عريا وقبحا من الغرب ذاته.

شاهد أيضاً