الغزيون يترقبون وقف الحرب وإعادة الاعمار

بقلم: علاء مطر

 

مثل الكثير من الأشياء التي يحلم بها المرء في حياته، هناك الغزيون الذين يحتضنون بؤسهم وحزنهم، يحلمون ويترقبون بكل شوق التوصل إلى اتفاق وقف اطلاق النار، خصوصا مع الأخبار المتفائلة حول إمكانية تحقق ذلك في القريب، وهذا أمر كاف للتعبير عن مأساة دخلتها المدينة الأشد حزنا في العالم، أن يختزل حلمهم وأعلى أمنياتهم بأن تتوقف حرب الإبادة.

تلك قصة طويلة والكل يعلم تفاصيلها، لكن ما لا يعمله الكثير هو أن الغزيون لا يعرفون اليوم ماذا ينتظرهم، لكن بخبرة العارفين بالحروب، يدركون جيدا أن بؤس الحرب لا ينتهي مع وقف إطلاق النار المرتقب، إنه بؤس ممتد، تغلفه أسئلة كثيرة: من يعيد الأحبة والبلاد؟ من يبني البيوت؟ كم سنعيش في الخيام؟ من أين وإلى متى وكيف سنؤمن قوت من بقي حيا من أبنائنا؟ وغيرها من الأسئلة.

نحن أمام مشهد الدم المتناثر حد الجنون، وذلك يجب ألا يغيب العقل لدى قادة حماس، فالمعارك أيضا بحاجة إلى حسابات هادئة، فما تحقق حتى اللحظة هو كارثة بكل معنى الكلمة، فقد وضعت حماس قطاع غزة برمته تحت ضربات عنجهية إسرائيل وأوصلت الغزي الى الاختيار إما الموت من الاحتلال أو من الجوع الذي لم تشهده البشرية طوال العصور.

في السياسة هناك ما يعرف باللحظة التاريخية التي يجب التقاطها، وهذه لحظة بالنسبة للغزيين جيدة للتوصل الى وقف الحرب أو حتى التوصل الى تهدئة لالتقاط الأنفاس، وإعادة ترتيب ما بعثرته الصواريخ، وإني أجزم بأن الشعب الفلسطيني بغزة لا يريد أو حتى يحلم سوى بما قبل الحرب، لايريد أسرى ولا إعادة القضية الى مكانها الأصلي في الدرجة الأولى لدى العالم، ولا حتى الحديث عن القدس والأقصى ولا الداخل المحتل ولا حتى عن عمقه العربي، فالكل خذلهم، وما أصعب طعم الخذلان وخاصة عندما يأتي من القريب.

يجب التأكيد على ضرورة أن يكون لدى المفاوض الفلسطيني عقل هادئ ومتسع ومدرك لكل ما يدور حوله في العالم، فليس وظيفة حماس من الأساس أن ترفع الحصار عن غزة، فهناك حكومة فلسطينية كاملة متكاملة تقع على عاتقها هذا الأمر لو تم إعادتها وتمكينها في القطاع، وليست مسؤولية حماس توفير القضايا الحياتية في ظل حكومة مسؤوليتها توفير ذلك، فلدينا حكومة عليها العمل على ذلك..إنها لحظة تاريخية يجب على حماس التقاطها لو كانت تعي ذلك، فلتحمل الحكومة كل شيء وتنسحب من المشهد الفلسطيني برمته.

حزينة هي غزة، فأينما تولي وجهك فيها، تجد صور الألم والفقد والمعاناة، على وجوه الناس، مقابر جماعية أنشأت حديثا امتلأت سريعا بمئات جثامين الشهداء، ولا تكاد تجد مترا الا وبه شهيدا أو مصابا يلملم جراحه الغائرة، وباتت رسالة جميع الغزيين لحماس: “أوقفوا الحرب فورا”.