الفنانة سهر أبو شروف لـ “السياسي”: الفن أكبر من خداع السياسيين… وطفولتي كانت بين الضرب والحلاقة!

خاص – السياسي

حوار : مهيب الرفاعي

من على خشبة المسرح إلى تفاصيل الحياة اليومية، ومن أنغام الطرب إلى أسئلة المبدأ والانتماء… بين هذه العوالم تتنقل الفنانة سهر أبو شروف بخفة وصدق، محافظة على صوتها الذي يلامس القلوب، وشخصيتها التي لا تنفصل عن الجذور والمواقف.

في هذا الحوار الخاص، فتحت سهر قلبها لموقع “السياسي”، فكان لنا معها حديث صريح… جريء أحيانًا، وعفويّ في كل الأحيان.

 

 الشهرة والذات: ماذا تغيّرت؟

السياسي: هل الشهرة غيّرت شيئًا فيكِ؟ وهل فقدتِ شيئًا على الطريق مقابل ما كسبتِه؟

سهر أبو شروف: الشهرة ببداياتي كانت عربية ومحلية، وهذا جعل الأمر أكثر صعوبة، لأن الظهور الإعلامي ما كان مفصولًا عن تفاصيل حياتي اليومية. صرت أكثر وعيًا في تصرفاتي، وانتباهًا لطريقتي مع الناس، خاصة مع كل من أحب صوتي ووقف إلى جانبي.

السياسي: ومَن تكونين حين تنزلين عن المسرح وتُطفأ الأضواء؟

سهر: أنا نفسي، لكن بهدوء أكثر. أعيش حياة طبيعية، أهتم بقططي، وأرعى والدتي المريضة – شفاها الله – وأبقى متابعة لجديد زملائي في الساحة الفنية. حتى في العزلة، يبقى الفن جزءًا من يومي.

 

 بين المبدأ والواقع الفني

السياسي: هل اضطررتِ يومًا للتنازل عن مبدأ فني أو شخصي؟

سهر: لا أقبل التنازلات من حيث المبدأ، لكن الواقع الفني ليس أبيض وأسود. أحيانًا أتنازل عن حق مادي إذا شعرت أن العمل يستحق وسيصل للناس بشكل أوسع. وأحيانًا أقبل بأغنية لم تلامسني كثيرًا إذا كانت الشركة المنتجة مقتنعة بها تمامًا.

السياسي: وهل استُخدمت أنوثتك ضدك في هذا العالم الفني؟

سهر: الأنثى، سواء كانت فنانة أو لا، تتعرض لنظرات وأحكام مسبقة في مجتمعاتنا. لكن حافظت على فن راقٍ وصورة فيها حشمة وكرامة. هذا ساعدني على تجاوز المراحل الصعبة، وربحت احترام الجمهور.

 

 بين العائلة والفن: طريق فيه أشواك ومحبة

السياسي: هل دعمتكِ العائلة منذ البداية؟

سهر: أنا من حلب، ووالدي – رحمه الله – كان ملتزمًا دينيًا، ينشد مدائح نبوية، وكان معارضًا تمامًا لفكرة الفن كمهنة. لأجله، درست الحقوق، ومارست الفن ضمن ضوابط لا تخدش الحياء، وتحترم المحيط. والأهم أن تكون علاقتي مع الله خالصة، لا شأن لأحد بها.

السياسي: كيف ترين الطفلة التي كنتِها اليوم؟ هل كانت فنانة صغيرة؟

سهر (تضحك): كنت “حسن صبي”! صوته جميل، لكنه يضرب أولاد الحي ويقص شعر بنات الأقارب. عوقبت كثيرًا، وكان شعري دائمًا “عالزيرو”! لكن وسط هذا كله، ترعرعت على حب الموسيقى، وتذوقت التراث والموشحات والأدوار من طفولتي.

 مشروع فني وليس مجرد صوت

السياسي: هل تعتبرين نفسكِ صوتًا أم مشروعًا فنيًا متكاملًا؟

سهر: أنا مشروع فني متكامل. صوت مهم، شكل مقبول، وأهم من كل شيء، أؤدي ألوانًا موسيقية متعددة، من الطرب إلى الشعبي. وأحلم أن يُقال عني لاحقًا: “سهر صوت عربي أصيل، تركت بصمة في تاريخ الموسيقى”.

السياسي: من الفنّان الأقرب إليكِ فنيًا أو إنسانيًا؟

سهر: أحب أصالة نصري وفضل شاكر من طفولتي، وأشعر أن مواقفهم الإنسانية قريبة مني. كان لهم موقف ضد الظلم، وهذا يربطني بهم أكثر من الفن ذاته.

 

 السياسة والفن… خطوط فاصلة؟

السياسي: برأيك، هل يمكن للفن أن يغيّر الواقع؟ وهل يجب على الفنان اتخاذ موقف سياسي؟

سهر: الفن له تأثير كبير، ونعرف كم يحاول السياسيون استمالة الفنانين لأنهم يملكون جماهير تتأثر بهم. لكنني لا أحب أن يتدخل الفنان بالسياسة مباشرة. أفضل أن يقول كلمته من منطلق إنساني أو مجتمعي، ويترك دهاء السياسة لأهلها. فالفن أنقى من لعبة السياسيين.

السياسي: هل حرية التعبير مهددة اليوم؟

سهر: بالعكس، أشعر أن حرية التعبير بأعلى مراحلها الآن. على الفنان أن يكون صادقًا مع ضميره، لأن كلمته اليوم مسموعة. أما ثقافيًا، فعليه أن يشجع الناس على الاكتشاف، على حب السينما والمسرح والقراءة، بدل الانكفاء خلف الشاشات الصغيرة.

 

 ختامًا… ماذا تقولين لجمهورك؟

سهر: أنا سهر أبو شروف، مطربة من حلب. ترعرعت على حب الموسيقى، ودرستها، ثم درست الحقوق ولم أمارسها لأني لم أشعر أنها تشبهني. أجهّز الآن عملاً جديدًا بعد أغنية “ماريدو”، وسيكون تصويره قريبًا في دمشق، وهناك حفلات مرتقبة في حلب، وأحلم أن أقف قريبًا على مسرح دار الأوبرا في دمشق في حفل يليق بي… وبالجمهور الذي أحبني.