القضاء الأمريكي يهدد المؤيدين لفلسطين بمستقبلهم

السياسي – في الوقت الذي تتصاعد فيه وتيرة العنف ضد الطلبة المحتجين على الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة لدى عدد من الجامعات الأمريكية، دخل القضاء الأمريكي على خط المواجهة، بإعلان 13 قاضيًّا اتحاديًّا من المحافظين، رفضهم تعيين طلبة من كلية الحقوق أو الطلبة الجامعيين من جامعة كولومبيا، ردًّا على طريقة تعامل الجامعة مع المظاهرات الداعمة لغزة.

واعتبر مراقبون هذا الإعلان انحيازًا أمريكيًّا واضحًا لإسرائيل في حربها على قطاع غزة والدائرة منذ السابع من أكتوبر الماضي، وتأييدًا كبيرًا لـ”المجازر اليومية التي يتعرض لها الفلسطينيون على يد القوات الإسرائيلية”، ما ينذر بتفجر الأوضاع أكثر في الجامعات الأمريكية.
-حاضنة للتعصب

ووصف القضاة، الحرم الجامعي في مانهاتن بأنه “حاضنة للتعصب” في رسالة إلى رئيسة جامعة كولومبيا نعمت مينوش شفيق وعميدة كلية الحقوق جيليان ليستر، وجاء فيها أن “الأساتذة والإداريين على حد سواء هم في مقدمة اضطرابات الحرم الجامعي؛ مما يشجع الانتشار الخبيث لمعاداة السامية والتعصب”.

ويعين القضاة الاتحاديون خريجي كلية الحقوق سنويًّا للتدريب العملي لمدة عام وهو ما قد يساعدهم على الحصول على وظائف مرموقة وعالية الأجر.

وبين القضاة أن “المقاطعة ستطبق على الطلبة الذين يدخلون جامعة كولومبيا هذا الخريف”. وطالبت الرسالة بإنزال “عواقب وخيمة” على الطلبة وأعضاء هيئة التدريس الذين شاركوا في احتجاجات الحرم الجامعي.

-عيّنهم ترامب

وأشارت تقارير إلى أن القضاة الذين وقعوا على الرسالة، عينهم الرئيس السابق ترامب، الذي أشاد بطريقة تعامل شرطة نيويورك مع المتظاهرين، واصفًا إياهم بأنهم “مجانين غاضبون، ويتعاطفون مع حماس”. بينما ثلثا القضاة الموقعين على الرسالة في تكساس، ويمثل القضاة الثلاثة عشر شريحة صغيرة من نحو 900 قاض اتحادي في البلاد.

ويدعو الطلبة المحتجون منذ قرابة أسبوعين جامعاتهم بضرورة سحب استثماراتها من الشركات الأمريكية الداعمة لإسرائيل، الأمر الذي قوبل بتحد من بعض الجامعات، حين رد بعضها بأنها لن تخضع لمطالب المحتجين وتنفيذ مطالبهم وسط تحذيرات أممية وتنديد دولي عارم يدعو لوقف العنف الوحشي الذي ترتكبه الشرطة الأمريكية لقمع الاحتجاجات، على حد وصفهم.

وسرعان ما اجتاحت الاحتجاجات المناصرة لفلسطين الجامعات الأمريكية، حيث انطلقت من جامعة كولومبيا في نيويورك، ثم انتشرت على نطاق واسع في الجامعات الأخرى، حيث نُظمت مظاهرات واعتصامات رفعت شعار “سحب الاستثمارات” من إسرائيل.
– سحب الاستثمارات

وتشمل المطالب سحب الاستثمارات من الشركات التي “تستفيد من نظام الفصل العنصري الإسرائيلي والإبادة الجماعية في فلسطين”، والمزيد من الشفافية حول استثمارات الجامعة وقطع علاقاتها مع المؤسسات الأكاديمية الإسرائيلية، بما في ذلك المركز العالمي لجامعة كولومبيا في تل أبيب وبرنامجها للحصول على شهادات مشتركة مع جامعة المدينة ذاتها.

ويطالب المحتجون جامعتهم بضرورة سحب استثماراتها المباشرة أو حصصها في الشركات التي تقوم بأعمال تجارية في إسرائيل أو معها، بما في ذلك شركتا أمازون وغوغل، اللتان أبرمتا عقدا بقيمة 1.2 مليار دولار مع الحكومة الإسرائيلية، لتزويدها بقدرات متقدمة في مجال الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي.

وفي سياق متصل، لم ترد سوى شركة غوغل على استفسارات من الإذاعة الوطنية العامة “إن بي آر”، قائلة إن عملها لا يشمل “أي أعباء عمل حساسة للغاية أو سرية أو عسكرية تتعلق بالأسلحة أو الاستخبارات”، بينما لم تعلق باقي الشركات المذكورة، وفقا للإذاعة.

ووفقًا لصحيفة “نيويورك تايمز”، لا تمثل الأموال المستهدفة بمطالبات سحب الاستثمارات حصة كبيرة من المعلومات المتاحة للجمهور بشأن أوقاف الجامعات. حيث تشكل الاستثمارات التي يعتبرها المحتجون إشكالية أقل من عشر بالمئة، من وقف جامعة كولومبيا البالغ 13.6 مليار دولار.

-الجامعات تعاند

ووفقًا لموقع “Weapon Free Funds”، الذي يدعو المستثمرين لسحب أموالهم من أسهم شركات السلاح، فإن الشركة تستثمر حوالي 3 بالمئة فقط من صندوق Core S&P 500 ETF التابع لشركة “بلاك روك” في شركات الصناعات الدفاعية بما في ذلك شركتا “ريثيون” و”بوينغ”.، ورفضت “بلاك روك” التعليق لنيويورك تايمز بشأن الموضوع.

ورفضت الجامعات الأمريكية بشكل قاطع تعديل استثماراتها استجابةً للضغوط الطلابية، مكتفية بعقد بعض إدارييها لاجتماعات مع الطلبة، لكن الرسالة العامة كانت أنهم لن يغيروا محافظهم الاستثمارية، أو يبيعوا أصولهم المرتبطة بإسرائيل، وفقا لنيويورك تايمز.

وجابت الاحتجاجات الطلابية المؤيدة لفلسطين العديد من الجامعات حول العالم، حيث انتفض الطلبة في حركة احتجاجية غير مسبوقة، شهدت قمعًا للمحتجين المناصرين لفلسطين، وذلك بعد اندلاع شرارتها من الجامعات الأمريكية، وسط توقعات باتساع رقعتها، ما يطرح سؤالًا مهمًا بحسب مختصين، إلى أين تتجه هذه الاحتجاجات، وهل ستغير الواقع الذي يعانيه الفلسطينيون بشكل عام وأهالي قطاع غزة، وهل ستجبر العالم على تغيير سياساته المتبعة في التعامل مع الشرق الأوسط؟.

شاهد أيضاً