الكشف عن قاتل الشهيدة شيرين أبو عاقلة – المقاومة أجهزت عليه – شاهد

السياسي –  فيلم وثائقي، أعده فريق من الصحافيين لصالح موقع “زيتيو” الأمريكي بإدارة الصحافي المعروف مهدي حسن، يتجاوز الفيلم تحليل ملابسات استشهاد الصحافية الفلسطينية-الأمريكية شيرين أبو عاقلة، ويصل إلى تحديد هوية الجندي الإسرائيلي الذي أطلق النار عليها أثناء تغطيتها عملية عسكرية قرب مخيم جنين.
وبعد تحقيق استمر عدة أشهر، أصدرت “زيتيو” واحداً من أبرز أعمالها تحت عنوان “من قتل شيرين؟”، وهو فيلم وثائقي مدته 40 دقيقة يوثّق جريمة قتل أبو عاقلة يوم 11 أيار/مايو 2022. وللمرة الأولى، يحدد التحقيق هوية الجندي الإسرائيلي القاتل، وهو اسم ظل سرياً حتى عن كبار المسؤولين الأمريكيين، نظراً لرفض إسرائيل الإفصاح عنه.
كما يكشف الفيلم عن تستر صادم من جانب إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، حيث تحدث مسؤولون أمريكيون سابقون عن فشل الإدارة في إنصاف شيرين، مواطنتهم، حفاظاً على العلاقات مع الحكومة الإسرائيلية.
يتضمن الفيلم مقابلات مع مسؤولين أمريكيين وإسرائيليين سابقين، جنود، وصحافيين عرفوا شيرين عن قرب. وقد شارك في إعداده فريق من المحققين الاستقصائيين الحائزين على جوائز،
وفي مقال نشرته صحيفة “الغارديان”، كتب نيسنباوم: “تعتقد أنك تعرف قصة مقتل المواطنة الأمريكية على يد القوات الإسرائيلية، لكنك على الأرجح لا تعرف. شيرين كانت صوت فلسطين، صحافية مجرّبة وضعت حياتها في مرمى الخطر لتغطية الاحتلال الإسرائيلي. يوم 11 أيار/مايو 2022، ارتدت خوذتها ودرعها الواقي الأزرق الذي كتب عليه (صحافة)، وذهبت لتغطية غارة عسكرية في جنين، لكنها لم تعد. أطلق جندي إسرائيلي النار على رأسها من الخلف، لتتحوّل وفاتها إلى نقطة خلاف بين إسرائيل والولايات المتحدة”.
في البداية، ألقت إسرائيل باللوم على المسلحين الفلسطينيين، لكنها اعترفت بعد أربعة أشهر أن أحد جنودها هو من أطلق النار على شيرين (51 عاماً) دون محاسبة أحد. ورفضت إسرائيل التعاون مع تحقيقات مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI)، ومنعت الولايات المتحدة من مقابلة الجندي مطلق النار أو حتى معرفة اسمه.
أكد مسؤولون أمريكيون أن غياب هذه المعلومات حال دون تحديد ما إذا كانت الجريمة تشكل انتهاكاً لحقوق الإنسان. وفي هذا الفراغ، قرر فريق “زيتيو” البحث عن الحقيقة بأنفسهم.
وكتب نيسنباوم: “كشفنا أن إسرائيل كانت تعلم منذ البداية أن أحد جنودها هو من قتل شيرين، رغم أنها ألقت باللوم زوراً على الفلسطينيين. مسؤولون أمريكيون أكدوا أن أعلى جنرال إسرائيلي في الضفة الغربية أبلغهم بذلك خلال ساعات من مقتلها”.
وأظهر الفيلم أن التقييم الأولي الأمريكي خلص إلى أن الجندي أطلق النار على شيرين عمداً رغم رؤيته لعلامة “صحافة”، لكن إدارة بايدن تراجعت عن هذا الاستنتاج لاحقاً، معتبرة الحادث “ظروفاً مأساوية”.
ويضيف نيسنباوم: “جندي إسرائيلي في مركبة مدرعة رأى شيرين على بعد 200 متر، وهي ترتدي زيّ الصحافة، وأطلق عليها النار عمداً. حتى التحقيق العسكري الإسرائيلي لم يجد دليلاً على تبادل إطلاق نار أو وجود مسلحين فلسطينيين قربها”.
وأكد الفيلم أن الجندي الإسرائيلي الذي قتل شيرين، والذي بات معروفاً الآن باسم ألون سكاجيو، قتل لاحقاً في اشتباك في جنين، بعد نقله بهدوء إلى وحدة أخرى. وقد دُفن كبطل، رغم أن رفاقه كانوا غاضبين من “تشويه سمعته”، حتى أنهم استخدموا صورة شيرين للتدريب على الرماية.


ويقول جندي إسرائيلي عرف سكاجيو: “إذا رأيت شخصاً يوجه شيئاً نحوك، ككاميرا، فهذا كافٍ لإطلاق النار”.
هذا المنظور ليس جديداً، ففي عام 2002 أُصيب الصحافي أنتوني شديد من “بوسطن غلوب” برصاص قناص إسرائيلي رغم ارتدائه سترة الصحافة، وفي 2008 قُتل فضل شناعة من “رويترز” بقذيفة دبابة رغم ارتدائه درعاً أزرق، بحجة أنه كان يحمل “سلاحاً” يُعتقد أنه الكاميرا. وفي 2023، قُتل الصحافي عصام عبد الله برصاص دبابة إسرائيلية في جنوب لبنان.
وقالت إسرائيل إنها لا تستهدف الصحافيين عمداً، لكن مواقفها تغيّرت منذ هجوم 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023. ومع تصاعد الحرب، باتت تستهدف صحافيين تتهمهم بـ”الدعاية الحربية”، كما قال العقيد نداف شوشاني: “السترة التي كتب عليها (إعلام) لا تحوّل الإرهابي إلى صحافي”.
وبحسب لجنة حماية الصحافيين، قتلت إسرائيل أكثر من 175 صحافياً منذ 7 أكتوبر 2023، ما يجعلها أخطر دولة على الصحافيين، حيث سقط ثلثا الصحافيين الذين قُتلوا في العالم عام 2024 في غزة على يد الجيش الإسرائيلي.
كما قتلت القوات الإسرائيلية والمستوطنون ستة أمريكيين آخرين على الأقل منذ مقتل شيرين، دون محاسبة. وقد علّق السيناتور كريس فان هولن على رفض إسرائيل التعاون قائلاً إن نتنياهو “يشير بإصبعه الأوسط إلى واشنطن” حين يتعلق الأمر بهذه الجرائم.
ويواصل الجيش الإسرائيلي حملة قمع الإعلام الفلسطيني، فقد أصيب علي السمودي، منتج تقارير شيرين، برصاص نفس الجندي الذي قتلها. وقال السمودي في الفيلم: “منذ لحظة استشهاد شيرين، قلت وسأظل أقول إن الرصاصة كانت تهدف إلى إسكات الإعلام الفلسطيني”.
في نيسان/أبريل، اعتُقل السمودي واتُهم بالانتماء للجهاد الإسلامي دون أدلة، وتعرض للضرب والتقييد في المستشفى، ولا يزال معتقلاً.
في المقابل، حقق فريق “زيتيو” ما فشلت فيه واشنطن: تحديد هوية الجندي القاتل. لكن موته يجعل من الصعب معرفة دوافعه. ويمكن للجيش الإسرائيلي الإفصاح عن اعترافاته. وربما يدعو الكونغرس الأمريكي شهوداً لجلسات استماع حول سبب تغيير نتائج التحقيق.