تجري مفاوضات مباشرة بين السيد ويتكوف من جهة، وقطر، وحماس و”إسرائيل” من جهة أخرى. هذه المفاوضات ليست جديدة، فقد بدأت منذ فترة خلال إدارة الرئيس الأمريكي السابقة جون بايدن، وذلك من خلال لقاءات بين مسؤولين أمريكيين وقيادات حماس في قطر، بقيادة مدير المخابرات الأمريكية حينها، السيد ويليام بريز.
ورغم أن تلك المفاوضات في ظاهرها كانت تتعلق بملف المحتجزين الإسرائيليين والأجانب، فإن جوهرها يتعدى ذلك ليشمل مستقبل حركة حماس السياسي ما بعد وقف إطلاق النار.
المفاوضات الحالية لا تمس سلاح حماس بشكل مباشر، وإنما تتعلق بدور الحركة في إدارة سلطة محدودة في قطاع غزة، بما يتماشى مع صفقة القرن التي طُرحت خلال الولاية الأولى للرئيس دونالد ترامب.ومع تطورات ما بعد السابع من أكتوبر، تغيّرت الأهداف الاستراتيجية لـ”إسرائيل” كدولة احتلال، وكذلك للإدارة الأمريكية الحالية، خاصة بعد مرور 22 شهرًا من العدوان والإبادة الجماعية في قطاع غزة. ومن بين المشاريع المطروحة:
• إقامة مدينة مؤقتة تستوعب أعدادًا من النازحين.
• التهيئة لعمليات تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة إلى الخارج.
• دعم وإسناد عصابات عميلة للاحتلال الإسرائيلي، وتكليفها بتوزيع المساعدات الغذائية والطحين للنازحين، كجزء من خطة أكبر تهدف إلى تهجير السكان.
وقد يُسند إلى حركة حماس لاحقًا دور محدود في إدارة بعض الجيوب في قطاع غزة، خصوصًا إذا نجحت المفاوضات بين قطر والإدارة الأمريكية حول ضمان حياة قيادات حماس في الداخل والخارج، وفقًا للشروط الأمريكية.
بالتالي، فإن دويلة غزة قد تكون أحد الأهداف الاستراتيجية الأساسية للإدارة الأمريكية، في محاولة لحرمان الشعب الفلسطيني من تحقيق الحرية والاستقلال، وفقًا للقرارات الشرعية الدولية، وتكريس رؤية “صفقة القرن” من خلال:
• ضم الضفة الغربية تحت مسمى “يهودا والسامرة”.
• تثبيت ضم القدس، بعد نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس المحتلة.
ورغم مشاركة حركة حماس في اجتماعات موسكو وبكين مع باقي الفصائل، وتصريحاتها بعدم حكمها لقطاع غزة، ورغبتها في الانضمام لمنظمة التحرير الفلسطينية، إلا أن الواقع السياسي يشير إلى مفاوضات سرية تجري بشكل منفرد، مع تغييب كامل لمنظمة التحرير الفلسطينية ومؤسساتها.
وقد وصف الكاتب الصحفي عبد الباري عطوان هذه المفاوضات بأنها “أسوأ من اتفاق أوسلو”، مما يُبرز خطورة المرحلة التي تمر بها القضية الفلسطينية، لا سيما في ظل استبعاد المنظمة، في وقت تستعد فيه عدة دول لعقد مؤتمر دولي للاعتراف بدولة فلسطين، برعاية فرنسا والمملكة العربية السعودية، واعتراف متزايد من دول مثل بريطانيا وفرنسا وعدد من دول العالم.
المفاوضات الجارية مع حماس تهدف إلى إنهاء الشرعية الفلسطينية المتمثلة بمنظمة التحرير الفلسطينية، وتحويل القضية إلى مسارات بديلة تخدم أهداف الاحتلال.
لذلك، يجب التأكيد أن السلطة الوطنية ليست سوى مرحلة انتقالية، وأنه بعد الاعتراف بدولة فلسطين، يجب الانتقال من سلطة إلى نظام دولة فلسطين وعاصمتها القدس، لتصبح دولة تحت الاحتلال، مما يتطلب العمل الجاد لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي بكافة الوسائل المشروعة، استنادًا إلى قرارات مجلس الأمن الدولي.
ويجب رفض الحلول الجزئية أو أي محاولات لفرض دولة مؤقتة تحت أي مسمى.