السياسي – تتواصل حملات المقاطعة الأكاديمية والبحثية لـ “إسرائيل” في أوروبا والولايات المتحدة، في سياق متصاعد منذ حرب غزة قبل عامين.
ورغم وقف إطلاق النار، ما تزال الجامعات والمؤسسات الأكاديمية تشهد موجات رفض متنامية للسياسات الإسرائيلية، لتنتقل المقاطعة من الشارع والإعلام إلى داخل القاعات البحثية والإدارات الجامعية، وسط تقديرات ترجّح استمرارها.
تشير تقارير غربية إلى ازدياد عزلة الجامعات والباحثين الإسرائيليين، لا سيما في أوروبا التي تشهد مستويات أعلى من المقاطعة مقارنة بالولايات المتحدة.
وكشفت نيويورك تايمز عن رسالة لـ23 أكاديميًا إسرائيليًا سعوا للمشاركة في اجتماع للجمعية الأوروبية لعلماء الآثار بشرط إخفاء هوياتهم المهنية وعدم الإشارة لأي جهة تمويل إسرائيلية، في مؤشر على خوفهم من الرفض.
وتنقل الصحيفة عن إيمانويل نحشون، رئيس فريق مكافحة المقاطعة الجامعية لـ “إسرائيل”، قوله إن المقاطعة “قد تخفّ لكنها ستستمر لأنها تستهدف نزع الشرعية عن إسرائيل”.
في المقابل، يرى مسؤولون في جامعات أوروبية أن المقاطعة مبرّرة بعد اتهام “إسرائيل” من لجان أممية ومنظمات حقوقية بارتكاب إبادة جماعية، إضافة إلى تعاون الجامعات الإسرائيلية مع الصناعات العسكرية.
وبحسب صحيفة هآرتس، تضاعفت حالات المقاطعة ثلاث مرّات خلال عام واحد، لتصل إلى نحو ألف حالة رفض تعاون أو مشاركة خلال العامين الماضيين.
كما أعلنت أربعون جامعة حول العالم وقفًا جزئيًا أو كليًا للتعاون مع مؤسسات إسرائيلية، سواء بقرار إداري أو بضغط من أعضاء هيئة التدريس.
وتتضمن المقاطعات رفض دعوات لمؤتمرات، وإلغاء شراكات بحثية، ووقف تبادل طلابي، وتأجيل نشر أبحاث، ورفض مراجعات علمية.
وتصف “هآرتس” هذا الواقع بأنه “الأخطر على الإطلاق”، محذّرة من آثار طويلة المدى على البحث العلمي الذي يشكّل “رصيدًا استراتيجيًا” لـ “إسرائيل”.
هذا التحول لا يقتصر على المؤسّسات، إذ أعلن أكثر من 300 كاتب وأكاديمي في قسم الرأي بـ “ـنيويورك تايمز” توقفهم عن الكتابة للصحيفة بسبب انحيازها ضد فلسطين، في دلالة على تغيّر المزاج النخبوي.
وهنا يبرز رأي الباحث والكاتب سمير عودة، الذي يرى أن الحرب على غزة دفعت الأكاديميين حول العالم إلى إعادة تحديد مواقفهم الأخلاقية.
ويقول عودة إنّ “الأكاديمي اليوم أمام خيارين لا ثالث لهما: إما الوقوف مع الإبادة أو ضدها، لذلك وجدنا الغالبية تصطف ضد الجرائم الإسرائيلية”.
ويعتبر أن المقاطعة الأكاديمية وصلت نقطة اللاعودة، وأن محاولة “إسرائيل” إعادة صورتها ستكون قاصرة رغم الأدوات السياسية والاقتصادية المتوقعة، لأن التغيير الحاصل عميق ومتجذر داخل الوعي الأكاديمي الحر.





