الهدنة في غزة.. إلى أين؟

عائشة المري

عادت أجواء الحرب لتسيطر على قطاع غزة بعد أن استأنفت إسرائيلُ غاراتٍ واسعةَ النطاق على القطاع منذ يوم الـ18 من مارس الجاري، بعد شهرين من هدنة نسبية. وأعلنت وزارة الصحة التابعة لحركة «حماس» في غزة، الجمعة الماضي، أن 896 شخصاً قتلوا في القطاع حتى الآن، فيما لا تزال حركة «حماس» تحاول عبر الوسطاء إحياء الهدنة من أجل استئناف وقف إطلاق النار في القطاع وعودة المساعدات الإنسانية التي منعتها إسرائيل منذ الثاني من مارس الجاري.. فما هي خيارات «حماس» في مواجهة العمليات الحربية الإسرائيلية؟ وهل ستمضي إسرائيل في تنفيذ المرحلة الثانية من اتفاق غزة؟ ولماذا؟
بدأت الخميس الماضي محادثات بين حركة «حماس» ووسطاء من مصر وقطر في الدوحة، لإحياء اتفاق وقف إطلاق النار وإعادة الرهائن الإسرائيليين من غزة. وكانت المفاوضات بشأن بدء المرحلة الثانية من الاتفاق قد تعثرت، إذ تسعى إسرائيل إلى تمديد المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار، والضغط على «حماس» للموافقة على خطة أميركية جديدة لتمديد وقف إطلاق النار، اقترحتها إدارة ترامب، بموجبها سيتم إطلاق سراح نصف الرهائن في البداية، والنصف الآخر في النهاية، بينما تصر «حماس» على استمرار مفاوضات المرحلة الثانية وفقاً لاتفاق وقف إطلاق النار الذي أشرف عليه الرئيس الأميركي السابق جو بايدن، مع وجود خلافات حول التفاصيل التي سبق الاتفاق عليها بشأن عدد الذين سيفرج عنهم لاحقاً، وكذلك بشأن توقيت انسحاب القوات الإسرائيلية من غزة، حيث تطالب «حماس» بإجراء محادثات بشأن المرحلة الثانية التي يفترض أن تؤدي إلى وقف دائم لإطلاق النار.
وطبقاً للاتفاق سيتم في المرحلة الأولى عودة 33 رهينة إلى إسرائيل، بينهم رفات ثمانية مختطفين توفوا خلال احتجازهم، من إجمالي 251 رهينة إسرائيلية احتجزتهم «حماس» بعد السابع من أكتوبر 23، فيما أفرجت إسرائيل عن نحو 1800 معتقل فلسطيني كانوا في سجونها. وفي الأثناء، انسحبت القوات الإسرائيلية من المناطق المأهولة بالسكان في غزة، ما سمح للفلسطينيين النازحين بالعودة إلى منازلهم. فيما كان من المقرر أن تبدأ مفاوضات المرحلة الثانية في 4 فبراير، وكان من شأنها أن تُفضي إلى وقف دائم لإطلاق النار، والانسحاب الكامل للقوات الإسرائيلية، وإطلاق سراح جميع الرهائن المتبقين. لكن ذلك لم يحدث. أما المرحلة الثالثة والأخيرة، والتي لا تظهر في الأفق، فكانت تشمل إعادة جثث الرهائن المتبقين، والبدء بعملية إعادة إعمار غزة، والتي من المتوقع أن تستغرق سنوات.
من الواضح أن إسرائيل ماطلت في إجراء مفاوضات بشأن آليات تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق، وأعلنت أنها تريد تمديدَ المرحلة الأولى التي كان يفترض أن تنتهي في 1 مارس، وسعت إلى تنفيذ صفقة تبادل جديدة، بحيث يتم الإفراج عن مزيد من الرهائن الإسرائيليين مقابل إطلاق سراح دفعات أخرى من السجناء الفلسطينيين دون الالتزام بالانتقال إلى المرحلة الثانية، التي يفترض أن تتضمن وقفَ الحرب وانسحاب الجيش الإسرائيلي من القطاع. وفي المقابل أصرت «حماس» على الالتزام بمراحل الهدنة التي سبق الاتفاق عليها، قائلةً إنها مستعدة لبدء محادثات المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، و«إن السبيل الوحيد لتحرير الرهائن المتبقين في غزة هو الالتزام باتفاق وقف إطلاق النار».
تحاول «حماس» الاستفادة من ورقة الرهائن، فيما تحاول حكومة نتنياهو، بدعم أميركي، نزعَ ورقة الرهائن من «حماس» والقفز على مراحل الاتفاق السابق بفرض شروط جديدة ومفاوضات جديدة ستحاول معها «حماس» تجنبَ استمرار الحرب والاستفادة القصوى من ورقة الرهائن.. وتلك هي المعضلة.

*كاتبة إماراتية

عن الاتحاد