الهيمنة بدل السلام – إسرائيل ترسم مستقبل سوريا

السياسي – التوغل الإسرائيلي شبه اليومي على إيقاع الاقتحامات والاعتقالات، يرسم المشهد العام في الجنوب السوري، وفي اَخر التحديثات، دفعت القوات الإسرائيلية بتعزيزات عسكرية ضخمة خلال الساعات القليلة الماضية باتجاه المنطقة العازلة مع الجولان السوري المحتل، وبدأت بعمليات توغل شملت مناطق عدة بين ريفي درعا والقنيطرة.
وقال أحد وجهاء منطقة الجنوب السوري: “أكثر من 12 آلية عسكرية إسرائيلية دخلت إلى منطقة عابدين في حوض اليرموك غرب محافظة درعا، وأقامت حواجز عدة متنقلة في المنطقة، وبدأت بحملة تفتيش للمنازل في البلدة، قبل أن تنسحب باتجاه مواقعها العسكرية قرب الحدود”.
وسبق هذا التوغل، “توغل آخر في منطقة جِبَاتا بريف القنيطرة، نفذته قوات خاصة تابعة للجيش الإسرائيلي، حيث تم اعتقال سبعة شبان من البلدة واقتيادهم للتحقيق بتهمة حيازة أسلحة والقيام بنشاطات عسكرية، ليتم الإفراج عن خمسة منهم بعد ساعات، فيما بقي اثنان قيد الاعتقال دون معرفة مصيرهما”.
وأوضح أن “القوات الإسرائيلية، منذ آذار/ مارس الماضي، اعتقلت 42 مواطنا سوريا من مواقع عدة في أرياف دمشق والقنيطرة ودرعا، وزعمت العثور على أسلحة وذخائر في تلك المواقع”.
وأضاف: “تعرضت سرية الطواحين في بلدة بريقة بريف القنيطرة، التي كانت تستخدم كموقع عسكري في عهد حكومة الرئيس السابق بشار الأسد، لقصف مدفعي وصاروخي إسرائيلي أدى إلى تدميرها بشكل كامل، علما أن القوات الإسرائيلية كانت فتشتها مرات عدة في السابق”.
وعزا عقلة السبب وراء تصاعد التوترات الأمنية في الجنوب السوري، إلى أسباب عدة، أهمها التعزيزات العسكرية الكبيرة التي دفع بها الجيش الإسرائيلي خلال الساعات الماضية باتجاه جبل الشيخ ومواقع قريبة من المنطقة العازلة، بالإضافة إلى تكثيف العمليات الجوية، حيث باتت طائرات الاستطلاع الإسرائيلية لا تفارق أجواء المنطقة.
-ماذا تريد إسرائيل من سوريا؟
يقول المحلل السياسي والخبير في الشؤون الإسرائيلية، عادل شديد: “اتضحت تماما رؤية إسرائيل تجاه سوريا الجديدة، وهي تقوم على عدم السماح لها بالنهوض أو استعادة قوتها من حيث موازين القوى، ما يعني أن تكون إسرائيل اللاعب والفاعل الأهم في تشكيل سوريا الجديدة، ليس فقط من خلال السيطرة على المنطقة الجنوبية الممتدة من دمشق حتى الجولان المحتل، بل أن تكون حاضرة في تشكيل كل سوريا، من أقصى شمالها إلى أقصى جنوبها، لتكون منافسا قويا لكل القوى الإقليمية والدولية، وتحديدا تركيا”.
وأضاف شديد: “لقد صرح مسؤولون إسرائيليون، وعلى رأسهم نتنياهو، بأن التخلص من المحور الإيراني في سوريا لا يجب أن يؤدي إلى تشكل محور تركي-عربي-سني. بمعنى منع إقامة قواعد تركية، ومنع تشكل جيش سوري قوي، وإبقاء المنطقة الجنوبية تحت النفوذ والسيطرة الأمنية الإسرائيلية، وإحكام القبضة على سوريا من جميع الاتجاهات”، وفق كلماته.
وتابع: “هذا يعني تحويل سوريا إلى ما يشبه الضفة الغربية، أي منطقة نفوذ وتأثير أمني، حيث يمكن للإسرائيليين الدخول والاقتحام والاعتقال والقتل وهدم البيوت، دون وجود قوة ردع سورية، أي تحويل سوريا الجديدة إلى كيان وظيفي يخدم مصالح إسرائيل”، وفق وصفه.
وأشار شديد إلى أن “بعض التصرفات الصادرة عن الحكومة الجديدة المؤقتة، حين حاول إرسال رسائل تهدئة تجاه إسرائيل، مثل القول إن سوريا الجديدة لا تشكل تهديدا للجوار – في إشارة إلى إسرائيل – أو حين وصف إيران وحزب الله بأنهما عدو مشترك، فُهمت في إسرائيل على أنها رسائل ضعف واستسلام، وأن سوريا الجديدة مردوعة ومستعدة لتقديم التنازلات لضمان التسهيلات والموافقة الإسرائيلية”.
ورأى شديد أن ذلك “شجع إسرائيل على استخدام المزيد من القوة، حيث دمرت كل مقدرات الجيش السوري الذي لم يعد قادرا حتى على أداء مهامه الأمنية الداخلية”.
وأردف: “من الواضح أن إسرائيل حققت الكثير من الإنجازات، وهذا ينسجم مع خطابها بأنها أحدثت تغييرا جيوسياسيا كبيرا في المنطقة خلال العامين الماضيين، والمقصود هنا تحديدا سوريا، التي تم اقتلاعها من محور إيران، وأصبحت في موقع مختلف تماما”.