السياسي -متابعات
شهد أحد مستشفيات مدينة أوساكا اليابانية واقعة صادمة أثارت موجة من الجدل حول مستوى العناية الطبية المقدّمة لكبار السن ومرضى الخرف، وذلك بعد وفاة رجل مسنّ إثر ابتلاعه مفتاحاً معدنياً يبلغ طوله 12 سنتيمتراً، داخل جناح المرضى، دون أن تكتشف حالته في الوقت المناسب.
وبدأت القصة في يناير (كانون الثاني) عام 2022، حين أُدخل “كينيتشي أونيشي”، البالغ من العمر 82 عاماً، إلى المستشفى بعد تعرضه لكسر في عظمة الصدر جراء سقوط مفاجئ.
ورغم استقراره في البداية، إلا أن حالته تدهورت بعد عدة أشهر، حين اشتكى من آلام في الحلق، وتبين لاحقاً في صور الأشعة وجود “ظل كبير” في الحنجرة، ليتضح أنه مفتاح معدني ثقيل ذو أطراف حادة، كان موصولًا بسلسلة معدنية على شكل أوزة.
المفتاح لم يكن عادياً، بل هو جزء من “بدلة خاصة” يرتديها المرضى الذين يعانون من الخرف، وتُستخدم لتقييد الوصول إلى المعدات الطبية أو الحفاظ على الحفاضات، حسبما صرّح نجله البالغ من العمر 55 عاماً.
وقد عبّر الابن عن صدمته الشديدة عند رؤية المفتاح الحقيقي، قائلاً: “تخيلت في البداية أنه مفتاح صغير ابتلعه عن طريق الخطأ، لكن ما رأيته كان ثقيلًا وغريب الشكل.. لا يسعني سوى التفكير بكمّ الألم الذي تحمله والدي”.
رغم أن المفتاح أُزيل لاحقاً، توفي أونيشي بعد أيام قليلة، وأُرجعت وفاته رسمياً إلى مضاعفات إصابته بكوفيد-19، إلا أن عائلته ترى أن ابتلاع المفتاح كان السبب المباشر في تدهور حالته الصحية، بعد أن أدى إلى مضاعفات خطيرة أبرزها الالتهاب الرئوي الشفطي، الذي يُعد أحد أبرز أسباب الوفاة بين مرضى الخرف.
وبعد مرور عام على الوفاة، أبلغ المستشفى العائلة أن المفتاح ربما تُرك على طاولة قريبة من سرير المريض، ما أتاح له ابتلاعه دون مراقبة. وعلى إثر ذلك، رفعت العائلة دعوى إهمال طبي أمام محكمة أوساكا الجزئية في أبريل (نيسان) الماضي، تطالب فيها بتعويض قدره 16.5 مليون ين ياباني.
وفي الوقت الذي أقرّت فيه المستشفى، في وثائق رسمية، بإخفاقها في التعامل السليم مع المفتاح، إلا أنها أنكرت وجود علاقة مباشرة بين الحادثة والوفاة، ورفضت تقديم أي تعليق إضافي بسبب “عدم توفر الموظفين المختصين”.
الحادثة أثارت نقاشاً واسعاً في اليابان حول مدى قدرة المؤسسات الصحية على التعامل مع حالات الخرف، لا سيما مع ارتفاع نسبة المسنين في البلاد. فقد وصل عدد السكّان الذين تزيد أعمارهم عن 65 عاماً إلى أكثر من 36 مليون نسمة، أي قرابة ثلث سكان اليابان.
ووفقاً لإحصاءات رسمية، فُقد العام الماضي أكثر من 18 ألف شخص مصاب بالخرف، عُثر على 491 منهم متوفين، ولا يزال 273 مفقودين حتى الآن، وتشير تقديرات الباحثين إلى أن الخرف قد يصيب ما يقارب ثلث السكان بحلول عام 2060.
ورغم التعاطف الواسع مع العائلة، إلا أن بعض الأصوات حذرت من آثار الدعوى، معتبرة أن تحميل المستشفيات المسؤولية في مثل هذه القضايا قد يدفع بعض المؤسسات إلى رفض استقبال مرضى الخرف، وهو ما سيؤدي لتفاقم الأزمة.