في اليوم التالي لانتهاء العدوان (حرب الإبادة) على غزة ستدخل الطليعة الأولى من (السلطة متعددة الجنسيات) بقيادة الممثل السامي الأجنبي لهذه السلطة، الذي سيعهد اليه إدارة مكاتب هذه السلطة متعددة الجنسيات لحكم غزة، والتي كان قد تم تحديدها مسبقا من قبل مجموعة الاتصالات الدولية (الاشراف الدولي) وخاصة بين الولايات المتحدة وإسرائيل وبأدوار مختلفة للاتحاد الأوربي وعدد من الدول العربية.
سيدخل الممثل الأعلى (الممثل الساميHR ) للسلطة من رفح أو من القدس حيث مقره الرسمي هناك، وسيكون له مقر آخر بالقاهرة أو العريش، ليقود مهمة إدارة غزة، والحفاظ على أمن المنطقة/قطاع غزة، وإزالة سيطرة حماس، وبث الحياة المدنية فيها تدريجيًا، كما سبق وحصل في تجارب الامريكان في البوسنة والعراق وأفغانستان، ومن المهمات الأساسية عملية إعادة تأهيل الفلسطينيين في غزة، وتثقيفهم ضد العنف والإرهاب إضافة لواجب هذه السلطة الهام الآخر المتمثل بنزع السلاح للفصائل، كما نزع فكر التطرف والإرهاب بكافة الوسائل.
ستدخل طليعة السلطة متعددة الجنسيات Multi-National Authority (MNA) بمجموعة من 50-100 شخص من جنسيات مختلفة أمريكية وأوربية وربما جنسيات أخرى، بأسلحتها الشخصية في البداية، مع ضرورة أن توفر لها الأسلحة الأخرى المطلوبة بمقراتها اللاحقة إضافة الى كافة مستلزماتها الميدانية (اللوجستية) من مكاتب ومركبات ومهبط للطائرات العمودية والأثاث الجاهز للمكاتب واتصالات…الخ مسبقًا بالاتفاق مع الطرف الإسرائيلي.
ما سبق من سيناريو ليس من وحي الخيال، وإنما كما جاء في نصوص الخطة الموضوعة من قبل (معهد ولسون) الذي أنشأه الكونغرس تحت عنوان: Plan for Postwar Gaza
وتشمل الخطة مع الملاحق على 112 صفحة مع الغلاف تتعرض للمبادئ العامة كما تتعرض للأدوار المطلوبة من الهيئات الرئيسية الثلاثة التي ستمسك بزمام الأمور في القطاع.
سيتم تشكيل السلطة متعددة الجنسيات MNA (لا علاقة لها بالسلطة الوطنية الفلسطينية) بالممثل أوالحاكم أو المندوب الأعلى (السامي) غير الأمريكي الجنسية والذي من المحبذ -حسب التقرير أو الخطة-أن يكون أوربيا، مع طاقم موظفين جلّه أمريكي الى أن يصار لاحقا لتوظيف فلسطينيين محليين بأعداد قليلة ومع مرور الزمن (خلال أول عامين) من ولاية الممثل السامي تصبح بالآلاف.
كما ستدخل القوة (السلطة) متعددة الجنسيات مع قوة شرطة مثيلة أي متعددة الجنسيات international Policing Force لضبط الأمن ومتابعة الانسحاب (كما حصل في البوسنة وكوسوفو والعراق والتحالف ضد داعش)، وإعادة التموضع الأمني من كل مكان يشير اليه الإسرائيليون أنه آمن، فيما بالسياق قد يتم تدريب فلسطينيين مدنيين غير منتمين للأحزاب ليكونوا في قوة الشرطة المدنية اللاحقة. مع احتفاظ الإسرائيلي بحرية الحركة الامنية والمسيّرات والاستخبارات.
أما الإطار الثالث فهو الإطار الإشرافي العالمي المسؤول ICG الذي يقوم بالتمويل (بوابة التمويل الدولي الحصرية) وبالدعم والتعيين للمندوب (الممثل) السامي والتجديد له (عامين) وغيره مما يقتضيه الامر، وقائد قوة الشرطة. والموظفين الكبار الذين يديرون شؤون القطاع ضمن MNA بمنع الهجمات، وبالأمور الحياتية المعروفة كالماء والكهرباء والصحة، النقل والشؤون العامة …الخ، إضافة للمهمة الأساسية بنزع الأسلحة وأعادة التربية والتثقيف ضد العنف والإرهاب في المدارس بتغيير المناهج وفي المساجد وغيرها ، بل وفي الاعلام والشابكة (انترنت) التي ستكون خاضعة للرقابة الحكومية، كما تقوم بتسريح المسلحين أوسجنهم أو إعادة تأهيلهم للحياة المدنية، ومنع عمل الأنروا.
إن الإطار الاشرافي الذي تهيمن عليه الولايات المتحدة الامريكية له من الصلاحيات الكثير والذي يعني السيطرة الأجنبية على المنطقة وبالتنسيق مع الطرف الإسرائيلي وفي شؤون أخرى خاصة في معبر رفح والمساعدات الإنسانية مع مصر.
في هذه الخطة التي أعدها كل من اللواء الأمريكي كيث دايتون، ومن الامن القومي الإسرائيلي عيران ليرمان وآخرين اثنين، بشهر 5 لهذا العام 2024م ترسم بكل وضوح الأدوار من دور السلطة متعددة الجنسيات الى الإشراف الدولي والدور الإسرائيلي والشرطة الدولية.
تقول الخطة أنه وفي نهاية المطاف، عندما تسمح الظروف بذلك، ستقوم كل من قوة الشرطة PF والسلطة المتعددة الجنسيات MNA نقل المسؤوليات إلى الكيانات الفلسطينية المحلية local Palestinian entities بمجرد أن تكون قادرة على توفير الحكم والأمن وإنفاذ القانون وعدم ترك فراغ أمني يمكن للإرهابيين أو المجرمين استغلاله.
تضع الخطة 30 بندًا مطلوب تحقيقها من السلطة المتعددة MNA فإنها تؤكد على عدم صلتها بالإطار الفلسطيني العام أي بالسلطة الوطنية الفلسطينية الا من خلال مفاوضات واتفاق قد يتم بين الإطارين المنفصلين. لاسيما وأن الدعم المالي القادم من السلطة الوطنية الفلسطينية لغزة تحتاج له السلطة المتعددة الجنسيات في بداياتها بمعنى انعدام الصلة الإشرافية أو الإدارية بين الإطارين.
في صفحة واحدة فقط من 113 صفحة للخطة يتم التعامل مع هذا الدور الاستشاري المحدود للسلطة الوطنية الفلسطينية بما يجعل من إمكانية تحقيق استقلال دولة فلسطين (القائمة ولكنها تحت الاحتلال) في اليوم التالي أو بعد التالي من رابع المستحيلات.