اليوم العالمي للسلام وقضية فلسطين

كتب : محمود جودت محمود قبها

اليوم العالمي للسلام فرصة لتذكير العالم أن العدالة هي الأساس وأن السلام يبدأ من فلسطين
فلنردد معًا في هذا اليوم السلام يبدأ من فلسطين والعدالة لفلسطين هي العدالة للعالم بأسره.

في الحادي والعشرين من أيلول من كل عام يقف العالم ليحيي اليوم العالمي للسلام ذلك اليوم الذي أرادته الأمم المتحدة محطة للتأمل في معاني السلم، ومناسبة لإيقاف النزاعات وإسكات أصوات البنادق ولو ليوم واحد لكن السؤال الجوهري الذي يفرض نفسه بإلحاح هل يمكن للإنسانية أن تتحدث عن السلام وهي تغض الطرف عن جرح نازف منذ أكثر من سبعة عقود اسمه فلسطين؟
السلام ليس كلمات تُلقى في قاعات المؤتمرات ولا بيانات دبلوماسية تُصاغ بعبارات منمقة السلام هو عدالة والعدالة تبدأ بإنهاء الاحتلال ورفع الظلم وعودة الحقوق إلى أصحابها ومن هنا فإن أي حديث عن السلام في العالم يبقى مبتورًا ما لم تُحل قضية فلسطين حلًا عادلًا وشاملًا.

قضية فلسطين ليست صراعًا محليًا عابرًا ولا نزاعًا على حدود أو موارد بل هي قضية إنسانية وسياسية وأخلاقية بامتياز إنها قضية شعب سُلبت أرضه وهُجر من بيته وحُرم من حريته وعوقب على تمسكه بهويته الوطنية.
إن اليوم العالمي للسلام يضع الضمير العالمي أمام امتحان صعب هل السلام قيمة انتقائية تُطبق في مكان وتُستثنى في آخر؟ أم أنه مبدأ شامل لا يتحقق إلا بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي الذي يمثل أقدم وأبشع صور الاستعمار المعاصر؟
فلسطين ليست مجرد بند على جدول أعمال الأمم المتحدة بل هي معيار لمدى صدقية المجتمع الدولي فمن يتغنى بالسلام وهو يتجاهل معاناة الفلسطينيين إنما يصادر جوهر السلام ويجرده من معناه الإنساني?

لقد أثبت التاريخ أن السلام القائم على القوة لا يدوم وأن التسويات التي تتجاهل الحقوق سرعان ما تنهار السلام الحقيقي لا يقوم إلا على قاعدة العدالة والعدالة في الحالة الفلسطينية تعني:
1. الاعتراف بحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره.
2. إقامة دولته المستقلة ذات السيادة على أرضه المحتلة وعاصمتها القدس.
3. عودة اللاجئين إلى ديارهم وفق قرارات الشرعية الدولية.
4. وقف الاستيطان وكل أشكال التهويد التي تستهدف الأرض والهوية.
إن أي محاولة للالتفاف على هذه الثوابت ليست سوى تكريس للظلم وإطالة أمد الصراع وإبقاء المنطقة والعالم رهائن للتوترات والحروب.

السلام في فلسطين ليس شأنًا فلسطينيًا خالصًا بل هو قضية مركزية للأمن والسلم الدوليين فالشرق الأوسط كان وما يزال بؤرة صراعات وحروب ومفتاح استقراره هو حل عادل وشامل للقضيةالفلسطينية
لقد أثبتت التجارب أن استمرار الاحتلال يشعل دوامات من العنف والتطرف وأن كسر هذه الدوامة يمر عبر بوابة فلسطين وعليه فإن اليوم العالمي للسلام يجب أن يتحول إلى منصة للمطالبة العملية بإنهاء الاحتلال وإلى يوم ضغط عالمي يذكّر بأن الاحتلال هو النقيض المطلق للسلام إن العالم الذي يتطلع إلى مستقبل أكثر أمنًا واستقرارًا لا يمكنه أن يترك فلسطين وحدها في مواجهة آلة القمع والاستيطان إن نصرة فلسطين ليست تضامنًا فحسب بل استثمار في السلام العالمي.

اليوم العالمي للسلام وقضية فلسطين موضوعان متلازمان إذ لا يمكن الحديث عن السلام الحقيقي في العالم بينما تبقى فلسطين جرحًا مفتوحًا وواحدة من أطول القضايا العادلة التي لم تجد حلًا منصفًا في اليوم العالمي للسلام الذي أقرّته الأمم المتحدة ليكون مناسبة للتأمل في قيمة السلم تتجدد الدعوات لإسكات صوت الحروب والنزاعات وترسيخ قيم العدالة وحقوق الإنسان غير أنّ السلام لا يُبنى على الشعارات وحدها بل على إنهاء الاحتلال وإعادة الحقوق إلى أصحابها.

أما قضية فلسطين فهي اختبار حقيقي لمصداقية العالم تجاه مبادئه فالشعب الفلسطيني منذ أكثر من سبعة عقود يناضل من أجل حقه المشروع في تقرير المصير وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس وبدون حل عادل لهذه القضية سيظل السلام في المنطقة والعالم منقوصًا ومهددًا.

فلسطين هي القضية المركزية للسلام العالمي لأن استمرار معاناة الفلسطينيين يكرّس مناخ العنف وعدم الاستقرار التضامن الدولي في هذا اليوم ينبغي أن يتجاوز الكلمات إلى إجراءات ملموسة كالضغط على الاحتلال لإنهاء سياساته الاستيطانية ودعم مسار الاعتراف بالدولة الفلسطينية السلام العادل في فلسطين سيشكّل نقطة تحول عالمية إذا يثبت أن القانون الدولي ليس مجرد نصوص بل إرادة تُطبق على الجميع دون استثناء.

نقول للعالم لا سلام دون فلسطين فالقضية الفلسطينية ليست قضية جغرافيا فحسب بل هي قضية قيم ومبادئ ومن يفرط في فلسطين يفرط في العدالة ومن يتجاهل معاناة الفلسطينيين إنما يقوض أسس السلم الإنساني.
السلام ليس ممكنًا بوجود جدار عازل يقسم الأرض والقلوب ولا بوجود حواجز عسكرية تخنق المدن والقرى ولا في ظل أسرى يذوقون مرارة السجون ولا لاجئين ينتظرون منذ عقود أن يعودوا إلى بيوتهم السلام الحقيقي يولد يوم تُرفع راية الحرية فوق القدس وتُعاد الكرامة إلى أصحابها الشرعيين
إن فلسطين اليوم ليست بحاجة إلى شعارات عابرة بل إلى إرادة دولية صادقة تُترجم قرارات الشرعية الدولية إلى أفعال وإن كان العالم جادًا في الاحتفاء بالسلام فإن البوابة الأولى لذلك هي فلسطين.

باحث في درجة الدكتوراه في العلوم السياسية والعلاقات الدولية..