انتخابات العراق: أربعة تريليونات دينار إنفاق على الدعاية

السياسي – أكد رئيس مجلس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، أمس الأربعاء، أن استمرار الإعمار والبناء والتنمية مرتبط بقرار الشعب العراقي يوم الانتخابات، المقرر في تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل.
وفي وقت كشف فيه الخبير الاقتصادي منار العبيدي، أن حجم الانفاق على الدعايات الانتخابية، لا يقل عن أربعة تريليونات دينار (أكثر من 3 مليارات دولار) مشدداً على أهمية متابعة مصادر هذه الأموال والتدقيق في إمكانية أن يكون من مصادر مجهولة وغير مشروعة، قلل المعهد الملكي للشؤون الدولية «تشاتام هاوس»، من نسب المشاركة، لافتاً إلى أن آمال العراقيين بإحداث التغيير انخفضت.
وذكر مكتب السوداني في بيان أن «رئيس الحكومة التقى شيوخ ووجهاء عشيرة البركات ونخبها الأكاديمية والاجتماعية، في مضيف النائب باسم خشان في محافظة المثنى، وعبر عن تقديره العالي لأبناء عشيرة البركات».

وأكد السوداني، حسب البيان «حرصه الدائم في كل زياراته للمحافظات على لقاء أبناء عشائرنا الكريمة التي قدمت التضحيات من أجل البلد، ولكونها السند الحقيقي للدولة، والداعم لإنجاز المشاريع وتوفير الخدمات»، مبيناً أن «زيارته إلى المثنى تخللت افتتاح مشاريع مهمة وإطلاق العمل التنفيذي بمشاريع أخرى».
وأشار إلى «الاستعدادات الجارية لإجراء الانتخابات النيابية السادسة، التي تعكس ترسيخ مبدأ الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة، بعد عقود من فترة مظلمة عاشها العراق في ظل النظام الدكتاتوري وارتكابه شتى أنواع الجرائم بحق أبناء شعبنا، وخوضه حروباً كلفت البلد الكثير».
وأضاف أن «المشاركة الواسعة والواعية بالانتخابات أمر مهم، ويجب أن يكون الاختيار على أساس مشروع بناء الدولة وسلطة القانون فيها»، مبينا أن» الانتخابات محطة مفصلية مهمة، ستحدد مصير البلد للأربع سنوات المقبلة»
ولفت إلى أن «استمرار الإعمار والبناء والتنمية مرتبط بقرار الشعب العراقي يوم الانتخابات، ونتيجة اختياره ولدينا رؤية ومشروع، وعازمون على المضي بإكمالها، لتحقيق المزيد من المكاسب والإنجازات».
وتابع: «اعتمدنا في حكومتنا منهجاً ورؤية تقوم على أساس توفير الخدمات الأساسية للمواطنين وعالجنا الكثير من المشاريع المتلكئة، التي تجاوز عددها 2500 مشروع، وأطلقنا مشاريع جديدة في مختلف القطاعات».
ووفق السوداني «خلال ثلاث سنوات من عمر حكومتنا، واجهنا مختلف التحديات، وتمكنا من تجاوزها رغم صعوبتها واعتمدنا سياسة متوازنة للنأي بالعراق عن الحروب والصراعات في المنطقة، وتمكنا من حفظ أمنه واستقراره».
وختم بالقول إن «العراق اليوم محط احترام وتقدير من جميع دول المنطقة والعالم لدوره في تعزيز الاستقرار الإقليمي والدولي».

تقديرات أولية

في السياق، أفاد الخبير العبيدي في «تدوينة» له، أنه «لا تتوفر بيانات دقيقة حول الحجم الفعلي للحملات الانتخابية في العراق، إلا أن تقديرات أولية تستند إلى عدد المرشحين وحجم الإعلانات التقليدية والرقمية تشير إلى أن إجمالي الإنفاق الانتخابي لا يمكن أن يقل عن 3 إلى 4 تريليونات دينار عراقي، وفق نظرة متحفظة جداً، وربما يتجاوز هذا الرقم بكثير في الواقع».
وأضاف أن «المشهد المالي للحملات يبدو خارج السيطرة، ومع هذا الصخب الإعلامي والإنفاق الضخم، تغيب مؤشرات واضحة عن مصادر التمويل، وطرق الصرف، والجهات الممولة».
واعتبر العبيدي كلاً من المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، ومكتب مكافحة غسل الأموال وتمويل «الإرهاب» التابع للبنك المركزي، وهيئة النزاهة، وديوان الرقابة المالية الاتحادي، وهيئة الإعلام والاتصالات، من أبرز «الجهات الرقابية المسؤولة عن متابعة هذا الملف الحساس».

السوداني أكد أن استمرار الإعمار والبناء والتنمية مرتبط بقرار الشعب
ووفقا للخبير الاقتصادي، فإن «المفوضية وحسب قانون الانتخابات رقم (9) لسنة 2020، مُلزمة بتدقيق مصادر تمويل المرشحين وأوجه إنفاقها، بينما يتولى مكتب مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب تحليل وتتبع أي أموال يُشتبه في كونها غير مشروعة أو ذات مصادر مجهولة، استنادًا إلى قانون مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب رقم (39) لسنة 2015».
وتنص المادة (4/ثالثًا) من مكافحة غسل الأموال على أن من مهام المكتب «تسلم وتحليل البلاغات والمعلومات المتعلقة بالعمليات التي يُشتبه في كونها متعلقة بغسل الأموال أو تمويل الإرهاب أو أي جرائم أصلية ذات صلة، واتخاذ الإجراءات المناسبة بشأنها بالتنسيق مع الجهات القضائية والأمنية والرقابية المختصة».
إلى جانب ذلك، تمارس هيئة النزاهة وديوان الرقابة المالية «دورا رقابيا في تتبع الأموال العامة التي قد تُستغل لأغراض سياسية»، فيما تراقب هيئة الإعلام والاتصالات «الحملات الإعلامية والإعلانية للتحقق من شفافية تمويلها وعدم توظيف موارد الدولة فيها».
وأكد العبيدي أن «ما يجري يستدعي وقفة جادة ومسؤولة لإعادة الأمور إلى مسارها الطبيعي، من خلال تشريع واضح يلزم الأحزاب والجهات السياسية بالكشف عن مصادر تمويلها وآليات إنفاقها الانتخابي، وضمان خضوعها لرقابة مالية وقانونية تضمن الشفافية وتمنع استخدام المال السياسي في التأثير على إرادة الناخبين».
وقبل أقل من أسبوعين يفصلان العراقيين عن التوجه إلى صناديق الاقتراع للإدلاء بأصواتهم في الدورة السادسة للانتخابات البرلمانية، وفي غضون ذلك، تنشر المراكز ومعاهد الأبحاث تقارير مختلفة حول «انخفاض» نسبة مشاركة الناس والماراثون الحواري بعد الانتخابات لتشكيل الحكومة.
وحسب المعهد الملكي للشؤون الدولية «تشاتام هاوس»: «ستنخفض نسبة التصويت، وفقط بالإصلاح الحقيقي والخطوات يمكن للعراق استعادة ثقة الناس واختيار حكومة ممثلة حقيقية للشعب».
ولفت في تقرير إلى أنه رغم «امتلاء الشارع العراقي بالملصقات الانتخابية وقلة حماس الناس»، من المتوقع أن يبقى العديد من العراقيين في منازلهم ولا يصوتون.
حسب التقرير فإنه «بعد عقدين من الديمقراطية في العراق وتغيير السلطة تحت إشراف أمريكا، قلّت آمال العراقيين في قدرة الانتخابات على إحداث التغيير».
وأوضح أن «هناك إجماعاً على نتائج الانتخابات، ويبدو أن تحالف البناء والتنمية الذي يترأسه محمد شياع السوداني سيحتل المرتبة الأولى في الانتخابات، وستشكل الأحزاب الشيعية المنضوية تحت الإطار التنسيقي السلطة، بمشاركة الأحزاب السنية والكردية الفائزة».
واعتبر إعادة تعيين السوداني رئيساً للوزراء «سيناريو بعيداً»، لأنه «حتى لو فاز بأكبر عدد من الأصوات، فإن اختيار رئيس الوزراء سيكون ضمن مفاوضات معقدة بعد إعلان النتائج بين الأطراف، وفي جميع الانتخابات السابقة، لم يتمكن الفائز من الحصول على المنصب».
وعلى الرغم من وضوح الخطوط العريضة للانتخابات، إلا أن «المنافسة لاتزال شديدة بين الأطراف، حيث تنفق التحالفات والأحزاب الكبيرة أموالاً طائلة على حملاتها الانتخابية»، حسب التقرير الذي أفاد أيضاً بأن «معظم العراقيين يرون الانتخابات كممارسة لمزيد من الحيازة والفساد، وليست استفتاءً على أداء الحكومة وفرصة لمزيد من التقدم».

مهمة وحاسمة

وأكد أن «معظم القادة العراقيين يعتبرون الانتخابات مهمة وحاسمة»، مستدركاً: «قد تكون نتائج تلك المفاوضات اختباراً لاستقرار العراق، لأن البلاد تدخل الانتخابات في فترة هدوء نادرة، حيث تعتمد الحكومة على تحالف هش وقد اختارت النظام بدلاً من الإصلاح، ولكن إذا سارت العملية بسلاسة، فهذا مؤشر على استقرار العراق من خلال دورة أخرى من التنافس، ولكن إذا شعرت الأطراف المتنافسة بنقص في الترتيبات القائمة منذ سنوات، فإن أي عدم استقرار، حتى ولو كان مؤقتاً، سيدخل العراق في فوضى».
وعرّف دستور العراق الذي أقر باستفتاء عام 2005، العراق بأنه ديمقراطية برلمانية من خلال انتخاب مجلس النواب والسلطة التشريعية، فكل أربع سنوات يصوت الناس من 19 محافظة لانتخاب 329 عضواً، ودستورياً يرشح مجلس النواب رئيس الجمهورية الذي له سلطة فخرية، ثم يرشح رئيس الجمهورية رئيس وزراء من الكتلة البرلمانية الأكبر، رغم أن الكتلة الكبرى ليست بالضرورة هي التي فازت بأكبر عدد من المقاعد البرلمانية، بل إن التحالف الأكبر صاحب المقاعد البرلمانية يشكل الحكومة، وعملية تشكيل الحكومة تتطلب مفاوضات وتنازلات بين الأطراف.
ودعا إلى «المشاركة الواسعة في الانتخابات المقبلة في 11/11»، مشددًا على أن «العزوف عن المشاركة سيفسح المجال أمام الفاشلين والفاسدين للعودة، الأمر الذي يهدد استمرار مشروع الإعمار والتنمية».
وتابع: «نريد لسياسة الحكمة وتغليب مصلحة العراق والعراقيين أن تستمر، ولا نريد العودة إلى سياسة الأزمات والانفعالات»، مشيراً إلى أن «البلاد تشهد حالة من الاستقرار والتعافي الاقتصادي، مع بدء تنفيذ إجراءات الإصلاح وتفعيل دور القطاع الخاص في توفير فرص العمل للشباب».
ووفق السوداني فإن «يوم 11 تشرين الثاني/ نوفمبر سيكون يوم رسم مستقبل العراق السياسي الجديد «.