السياسي – موجات معاداة السامية التي تعم هذه الأيام المعمورة يجب أن تثير قلقا شديدا ليس فقط في أوساط الجاليات اليهودية في العالم. يدور الحديث عن تسونامي يشكل تهديدا حقيقيا على كل يهودي وإسرائيلي بصفته هذه، واقعا رهيبا لم نشهد له مثيلا منذ المحرقة.
جملة “شعب وحده يسكن وبالأغيار لا يأبه” تظهر في الأصل في سفر في الصحراء في خطاب بلعم، الذي بدلا من شتم شعب إسرائيل مثلما كان مطالبا خرج مهنئا حين عبر بأقواله عن المزايا الخاصة لشعب إسرائيل. في سياق التاريخ تلقت هذه الجملة معان وتفسيرات مختلفة. كان من رأوا فيها تعبيرا عن مثال السيادة والثقة بالنفس لشعب قوي ومصمم يتمسك بإرثه بتزمت، حتى بثمن التفرد والانعزال. بالمقابل، كان هناك من رأوا في هذا الوصف وضعا اشكاليا، يجعل التعاون الدولي صعبا، وهو أمر هام جدا لوجود دولة اليهود. هكذا رأى هذا أيضا رئيس الوزراء الأول، دافيد بن غوريون، والذي وإن كان شعر دوما بأهمية استقلال الدولة لكنه أولى أهمية كبيرة للعلاقات الدولية.
في عصر أصبح فيه العالم قرية عالمية، فان اصطلاح “شعب وحده يسكن” يتلقى وجها سلبيا، وأساسا حين يدور الحديث عن دولة تكنولوجيا عليا كإسرائيل مع إمكانية كامنة متميزة للتطور. قول بلعم كفيل بأن يرتبط اليوم بفكر العالم المسيحاني الذي يرافق حكومة إسرائيل وأساسا في صورة الوزيرين بن غفير وسموتريتش وشركائهما السياسيين. بمواقفهم يعرضون تفضيل “شعب وحده يسكن”، الذي يتمسك بإيمانه المتزمت واحلامه المسيحانية، يفعل فقط ما هو صحيح في نظره ولا يهتم بالنتائج التي شئنا أم أبينا توجد لها تداعيات على وضعنا في العالم وكذا على مظاهر اللاسامية.
عندما يرون في العالم صور الفظاعة من غزة، التي لا ترى في إسرائيل وعندما يسمعون تعبيرات متطرفة بأسلوب “إحرق”، “سوي غزة بالأرض”، “رحل كل سكانها” و”جدد الحضور اليهودي في غزة” يصب وقودا على شعلة معاداة السامية. تقرير شامل نشرته في الشهر الأخير وزارة الشتات ومكافحة اللاسامية يعرض بالفعل صورة مقلقة لتعاظم معاداة السامية في العالم. وحسب هذا التقرير فان 46 في المئة من سكان العالم هم ذوو مواقف معادية للسامية، وهو معطى ضاعف نفسه في غضون عقد. عدد حوادث معاداة السامية في العالم ارتفع بشكل دراماتيكي خلال السنة الأخيرة.
إذا أضفنا لهذا فشل الدعاية الرسمية لدولة إسرائيل، فطالما كانت الحرب في ذروتها ومخطوفونا لا يزالون في غزة، من الصعب أن نبلور كفاحا شاملا ضد التسونامي المعادي للسامية. هذه يجب أن تكون مهمة إسرائيلية ويهودية دولية، تتحد فيها أفضل العقول والقدرات لشعب إسرائيل لأجل إعطاء جواب مناسب لهذا الوباء الأليم والمهدد.
في هذه الاثناء، ليس فقط اليهود في العالم، بل هيئات، شركات ومنظومات في إسرائيل هم ضحايا معادة السامية. وهذا سبب وجيه آخر لوقف الحرب في أقرب وقت ممكن.
معاريف – 14/7/2025