السياسي – نشر موقع “ميدل إيست آي” تقريرًا للصحفي ريحان الدين، سلط الضوء على الجدل المتصاعد بشأن حيادية نائبة رئيس محكمة العدل الدولية، القاضية الأوغندية جوليا سيبوتندي، بعد تصريحات مثيرة قالت فيها إن “العناية الإلهية تعتمد عليها للدفاع عن إسرائيل وحكومتها”.
ووفق التقرير، فإن تصريحات القاضية التي أدلت بها مؤخرًا خلال فعالية في كنيسة بالعاصمة الأوغندية كامبالا، أثارت صدمة واسعة بين خبراء القانون الدولي، بعدما اعتبرت أن موقفها المؤيد لإسرائيل نابع من “قناعة راسخة بأننا في آخر الزمان”، مؤكدة أنها تريد أن تكون “على الجانب الصحيح من التاريخ”.
لم تكن هذه التصريحات مفاجئة بالنسبة للبعض، إذ سبق أن خالفت سيبوتندي إجماع قضاة المحكمة في قضايا جوهرية تتعلق بإسرائيل وفلسطين. ففي كانون الثاني/ يناير 2024، كانت القاضية الوحيدة التي رفضت التدابير المؤقتة التي أقرتها المحكمة ضد الاحتلال الإسرائيلي بعد اتهامها بارتكاب إبادة جماعية في غزة. وبعد أشهر، كررت موقفها المعارض عندما اعتبرت المحكمة – بأغلبية 15 قاضيًا – أن الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية “غير قانوني”.
وقد أثارت هذه المواقف انتقادات حتى داخل أوغندا نفسها، حيث اعتُبر موقفها خروجًا عن التزاماتها كقاضية في أعلى هيئة قضائية دولية.
وأشار التقرير أيضًا إلى أن سيبوتندي متهمة بالاعتماد على مصادر غير موثوقة بل ومنتحلة في آرائها المخالفة. إذ خلصت دراسة أعدها باحث فلسطيني، نُشرت ضمن عمل أكاديمي للباحث الأمريكي نورمان فينكلشتاين، إلى أن ما لا يقل عن 32% من رأيها القانوني المعارض “منسوخ” من مقالات مؤيدة لإسرائيل، بينها نص لمسؤول أمريكي سابق، ومصادر مثل بي بي سي وويكيبيديا.
ويرى خبراء أن هذه المزاعم، إلى جانب تصريحاتها الأخيرة، تعزز الشكوك في أنها تسعى للوصول إلى نتائج سياسية محددة بغض النظر عن الأدلة القانونية.
وصف مايكل بيكر، أستاذ القانون والمسؤول القانوني السابق في محكمة العدل الدولية، تصريحات سيبوتندي بأنها “غير حكيمة إطلاقًا”، معتبرًا أن إعلان القاضي وقوفه “إلى جانب طرف محدد” في قضية منظورة يقوض مبدأ الحياد.
من جهته، قال سيرغيف فاسيلييف، الباحث في القانون الدولي، إن مثل هذه المواقف تخلق “انطباعًا حتميًا بالتحيز”، مضيفًا: “من الصعب تخيل كيف يمكن لمراقب عاقل أن يراها غير ذلك”.
أما جولييت ماكنتير، المحاضرة في القانون بجامعة جنوب أستراليا، فذهبت إلى أن تصريحات سيبوتندي قد تخالف نص القسم الذي أدته بموجب المادة 20 من النظام الأساسي للمحكمة، مشيرة إلى إمكانية تنحيتها عن القضايا ذات الصلة إذا طُعن في نزاهتها.
تداعيات محتملة على المحكمة
ورغم أن محكمة العدل الدولية نادرًا ما تجبر قاضيًا على التنحي، إلا أن خبراء مثل كينيث روث، المدير التنفيذي السابق لمنظمة “هيومن رايتس ووتش”، اعتبروا أن القاضية الأوغندية فقدت موقفها المحايد، ما يجعل استمرارها في النظر بالقضايا المتعلقة بإسرائيل موضع شك كبير.
لكن في المقابل، يرى بعض المحللين أن المحكمة قد تختار تجاهل الأمر لتجنب اتهامات بتسييسها أو خضوعها للضغوط السياسية، رغم الضرر المحتمل على سمعتها وهيبتها كهيئة قضائية دولية مستقلة.
ويخلص التقرير إلى أن القضية تمثل اختبارًا صعبًا لمصداقية محكمة العدل الدولية، في وقت تزداد فيه الانتقادات الموجهة إليها باعتبارها مسيسة أو عاجزة عن ضمان العدالة في القضايا الأكثر حساسية على الساحة الدولية.