انتقادات للاتحاد الأوروبي بسبب تعليق العقوبات على إسرائيل

السياسي – تعرض الاتحاد الأوروبي لانتقادات واسعة بعد إعلان مسؤولة السياسة الخارجية، كايا كالاس، تعليق الإجراءات الرامية لفرض عقوبات على الحكومة الإسرائيلية أو تعليق اتفاقية التجارة التفضيلية معها، في خطوة جاءت ردًا على جهود الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لدعم وقف إطلاق النار الهش في غزة.

وجاء هذا القرار بعد اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي يوم الاثنين، حيث أكدت كالاس أن السياق تغير منذ اقتراح التدابير في الشهر الماضي، مشيرة إلى “تباين وجهات النظر” بين الدول الأعضاء.

وأضافت: “نحن لا نؤيد التدابير الآن، لكننا لن نستبعدها أيضًا لأن الوضع هش”، وهو ما أثار استياء العديد من المسؤولين السابقين والحقوقيين الأوروبيين.

وقد انتقد سفين كون فون بورغسدورف، الممثل السابق للاتحاد الأوروبي في الأراضي الفلسطينية، القرار، مؤكدًا أن كالاس أخطأت في فهم جوهر المساءلة القانونية.

وقال بورغسدورف لصحيفة الغارديان: “العقوبات ليست مجرد إجراء لحث طرف ثالث على تغيير سلوكه، بل هي جزء من أدوات الاتحاد الأوروبي للرد على انتهاكات القانونين الأوروبي والدولي”.

وأشار بورغسدورف إلى أن الاتحاد الأوروبي استنتج في يونيو/حزيران أن إسرائيل انتهكت التزاماتها المتعلقة بحقوق الإنسان بموجب اتفاقية الشراكة بين الجانبين، وهو ما يلزم الاتحاد بالتصرف قانونيًا لضمان الامتثال.

-انتقاد خطة ترامب

انتقد بورغسدورف أيضًا ما وصفه بـ”التعامل الرمزي” مع خطة ترامب للسلام، مشيرًا إلى أن مسألة تقرير المصير الفلسطيني تم تناولها بشكل غامض.

وأضاف أن البيان الذي وقعه 414 دبلوماسيًا ومسؤولًا سابقًا دعا إلى اتخاذ إجراءات قوية ضد “المفسدين والمتطرفين على الجانبين” لحماية إمكانية إقامة دولة فلسطينية مستقبلية، مؤكدًا أن عدم فرض العقوبات قد يُضعف هذه الإمكانية.

كما أعربت ناتالي توتشي، المستشارة السابقة لممثلين رفيعي المستوى للسياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، عن مخاوفها من أن تعليق العقوبات يمثل أسوأ سيناريو ممكن.

وقالت: “هذا آخر ما ينبغي علينا فعله، لأن هذه هي اللحظة المناسبة لمواصلة الضغط”، مشيرة إلى أن المرحلة الأولى من خطة ترامب شابها العنف، مما يتطلب تعزيز الضغط الدبلوماسي.

وينقسم الاتحاد الأوروبي داخليًا حول مسألة الشرق الأوسط، فبينما تدعم دول مثل إسبانيا وأيرلندا فلسطين بشكل واضح، تعتبر المجر وجمهورية التشيك حلفاء مخلصين لإسرائيل.

ويشير النقاد إلى أن الاتحاد أصبح “ممولًا وليس فاعلًا”، إذ قدم مساعدات إنسانية للفلسطينيين بقيمة 1.5 مليار يورو منذ 7 أكتوبر، لكنه يفتقر إلى نفوذ فعال في صنع السلام.

-الدور الأوروبي المقبل

في الوقت ذاته، يسعى الاتحاد الأوروبي إلى المشاركة في “مجلس السلام” الذي أنشأه ترامب، والمخصص لإعادة إعمار غزة، بالتعاون مع دول الخليج التي يُتوقع أن تساهم في التمويل البالغ 70 مليار دولار.

ويؤكد دبلوماسيون سابقون أن الاتحاد يجب أن يكون لاعبًا دبلوماسيًا نشطًا لتغطية “الروابط المفقودة” في خطة ترامب، ومعالجة المستوطنات في الضفة الغربية والعمل نحو مسار موثوق لحل الدولتين.

ويعقد قادة الاتحاد الأوروبي قمة يوم الخميس لمناقشة الملف الفلسطيني وتطورات الأوضاع في غزة، فيما من المتوقع أن يلتقوا بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في بروكسل لتنسيق الجهود الإقليمية، حيث يُنظر لمصر كوسيط رئيسي في المنطقة.

في هذا الإطار، قال كلاوديو فرانكافيلا، المدير المساعد لقسم الاتحاد الأوروبي في هيومن رايتس ووتش، إن الحكومات الأوروبية لا تزال تحمي السلطات الإسرائيلية من المساءلة، مضيفًا: “ما قد يكون تغير حتى الآن هو حجم الجرائم الفظيعة في غزة؛ لكن الاحتلال غير القانوني وجرائم الفصل العنصري والتهجير القسري والتعذيب وقمع الفلسطينيين مستمرة بلا هوادة”.

ويبقى تعليق العقوبات الأوروبي نقطة جدل حادة، إذ يرى العديد من المحللين والحقوقيين أنه يضعف قدرة الاتحاد على التأثير في الصراع، ويمنح (إسرائيل) فرصة لتجاوز المساءلة القانونية الدولية، بينما يزداد الضغط على الفلسطينيين في ظل توقف الدعم الفعّال من المؤسسات الدولية.