انتقادات للمشاركين في مؤتمر دعم الأقليات في تل أبيب

السياسي – فتحت استضافة تل أبيب لما سمي بـ«مؤتمر للأقليات» في سوريا، باباً واسعاً للانتقاد أمام من شارك فيه، باعتبار أن المؤتمر بكل تفاصيله بمثابة كيد للسوريين ولا يحمل أي بارقة لمساعدتهم، وسط توافق على هزالة المشاركين وسطحيتهم، وأنهم لا يمثلون إلا أنفسهم، وأن المؤتمر جزء من لعبة تعتمد على استغلال المخاوف الطائفية والعرقية لهدف تحويل البلاد إلى كيانات متصارعة.

وبتنظيم من الصحافي الإسرائيلي إيدي كوهين، عقد اجتماع في تل أبيب الإثنين شاركت فيه شخصيات سياسية ودينية، بينها رئيس حزب «حرية كردستان» عارف باوجاني، الذي دعا إلى ما وصفه بـ«تحالف من أجل السلام والاستقرار».
كما تحدث عبر تقنية الفيديو الشيخ مروان كيوان، أحد الزعماء الدروز في محافظة السويداء، الذي أشاد بدور إسرائيل في ما وصفه بـ«الحفاظ على وحدة المجتمعات».
ونشر كوهين عبر صفحته على «فيسبوك»، مخرجات المؤتمر ومنها تأسيس مكتب ارتباط إقليمي افتراضي يضم شخصيات سياسية وناشطين يمثلون مختلف مكوّنات المنطقة، واعتماد شركة حقوقية قانونية في إسرائيل لإعداد تقارير دورية شهرية تُرفع إلى مكتب رئيس الوزراء، ولجنة الأمن في الكنيست، وفي وزارة الخارجية، مع إنشاء منصة إعلامية رسمية تمثل مكتب الارتباط، تُصدر نشرة نصف شهرية، وإطلاق صندوق خاص لتلقي الشكاوى الفردية والجماعية من أبناء الأقليات».
وتعرّض المؤتمر والمشاركون فيه لحملة انتقادات واسعة من قبل نشطاء وكتاب ومفكرين عبر صفحاتهم الشخصية.
وقال المفكر الإسلامي والأكاديمي محمد حبش إن المؤتمر بكل تفاصيله يعتبر كيداً على السوريين، ولا يحمل أي بارقة لمساعدتهم.
وتابع: كلنا يعلم أن إسرائيل خرجت منذ أيام من حرب طاحنة دمرت فيها مدناً عربية كاملة بكل ما فيها، وقتلت أكثر من 80 ألف فلسطيني ولا تزال تهدد، لأن هناك جثتين غير موجودتين، معتبراً أن دولة بهذا التوحش غير جديرة أن تكون راعية سلام، ولا يراهن عليها إلا من يراهن على الخطيئة.

وأكد أن من الضروري ألا يستهان بأمر المؤتمر فهو ليس مجرد فقاعة إعلامية، وإنما حدث حقيقي ويفرض على الدولة والمجتمع السوري بناء استراتيجية جديدة لمواجهة هذا التهديد الحقيقي، موضحاً أن ذلك يمكن عبر الانفتاح الحقيقي على المظلوميات والاعتذار العلني منها، وعدم تكرار ما جرى، وفي الوقت نفسه، يتم توجيه نداء لهذه المكونات والأقليات لأن تعقد نشاطاتها في دمشق.
وقال: إذا كنا نؤمن بأن دمشق هي عاصمة لكل السوريين، فليأتوا إليها وعلى الدولة أن تحميهم، وأن يتحدثوا بكل أريحية، وأن تكون لهم فرصة للمشاركة في الحياة البرلمانية، وأن يقدموا مقترحاتهم في إطار برلمان وطني، معتبراً أن غياب الحياة السياسية سيؤدي إلى هذا الانسداد الذي رأيناه.
وأكد أن الحدث ليس فقاعة عابرة، بل هو تحد حقيقي يتطلب من الدولة بناء استراتيجيات جديدة مختلفة عن الاستراتيجيات السابقة التي دفعت ضعاف النفوس إلى الاستجارة بالإسرائيلي، مبيناً أن الدولة كان يجب أن توفر الأمان للناس بطريقة تحفظ كرامتهم وحقوقهم وتقطع الطريق على المشروع الإسرائيلي، متمنياً أن تأخذ الدولة إجراءات حقيقية وألا تكتفي بالشجب والإدانة والتهوين من شأن الاعتدال.
الباحث السياسي علي الأحمد اعتبر أن مجرد انعقاد المؤتمر في تل أبيب يوضح طبيعته وغاياته، وهي بالتأكيد ليست غايات إيجابية بل على العكس هي غاية في السلبية، ولكن ذلك لا يعني على الإطلاق بأننا بخير في الداخل السوري، ولا يعني على الاطلاق بأنه لا توجد مظلوميات، ولكن بتقديري الشخصي فإن «الحرة لا تأكل من ثدييها».

وتابع: «إن كانت لدينا مظلوميات متفرعة قومية أو مذهبية أو طبقية أو فئوية أو بين ريف ومدينة، يجب التركيز على المظلومية الكبرى، وبالتالي فإن المجتمع بأمسّ الحاجة لطرح المظلومية السورية عبر مؤتمر وطني، يؤطر كل ما سبق في مظلومية واحدة وينطلق نحو عقد اجتماعي تكون فيه المواطنة هي أساس العلاقة بين أفراد الجماعات الثقافية أو الدينية أو العرقية».
وتساءل عن الذين فوضوا من شارك في المؤتمر ليتحدث باسم الأقليات، معتبراً أن النظر إلى المجتمع على أساس أكثرية وأقليات هي نظرة غير صحيحة على الإطلاق.
وعن كيفية التعامل مع المشاركين في المؤتمر، أوضح أن الفئات الاجتماعية التي ادعى أحد ما بأنه يشارك باسمها، عليها أن تقول كلمتها، على الرغم أنه في بعض الأحيان لا توجد جهة معبرة عن تلك الفئات الاجتماعية، موحدة ومتوافق عليها.
وزاد: أن يذهب شخص أو شخصان أو عشرة أو 100، فهذا لا يعني أنه بات يعبر عن الملايين، وأي تعميم هو دليل ضعف.
وأكد أن الموضوع الداخلي السوري موضوع مركب ومعقد، ومن الضروري جدا التعاطي معه بمنتهى الدقة وعلى قاعدة أن الداخل أهم من الخارج بما لا يقاس.
واعتبر أن قوه المجتمع بوحدته وبتفاهمه وبحسن تنوعه، وربما يجري استغلال الواقع الموجود الآن في سوريا لصالح قوى خارجية، إن كانت في المحيط أو أبعد، ولكن علينا أن نحسن الظن ببعضنا، وأن نتعاطى بما يسهم في إعادة ترتيب الحوار فيما بيننا، ليفضي إلى حالة مواطنة شاملة، وإلى عقد اجتماعي يساوي بين المواطنين ويعطي للجميع حقوقهم على أساس المواطنة.
واعتبر أن التعاطي مع العدو هو بالتأكيد ليس فقط خطاً أحمر، وإنما خطير للغاية، من دون أن ننسى أن في إسرائيل لا مواطنة حتى بين اليهود، فهناك تمايز كبير جداً بين الأشكيناز والسفارديم وبينهم وبين العرب، إن كانوا يحملون الجنسية الإسرائيلية، أو عرب الضفة الغربية، ومن بيته من زجاج لا يجوز على الإطلاق أن يرمي الآخرين بحجارته
وجرى انتقاد المشاركين، وأنهم لا يمثلون المكونات السورية التي تحدثوا باسمها، وهو ما أكده كاتبان أحدهما من محافظة السويداء والآخر من الحسكة، لكن الاثنين فضلا عدم ذكر اسميهما لحساسية الأوضاع.

وقال أحدهما، وهو كردي، إن من شارك لا يمثل إلا نفسه، حتى أنهم ليسوا بنشطاء على مستوى صفحات التواصل الاجتماعي، ولم يسمع بهم أحد، والمؤتمر عموماً لا يستحق أن نوليه ذلك الاهتمام، والإسرائيليون يعلمون ذلك ويدركون وزن المشاركين الحقيقي.
وتابع: حاول منظم المؤتمر إيدي كوهين الاتصال بالكثير من الشخصيات ذات الوزن، لكن أحداً من هؤلاء لم يتجاوب معه، أما من تجاوب فهم من الهامشيين والمؤتمر بعد أن انتهى الآن يجب أن ننساه.
وعبر حسابه على «فيسبوك» قال الباحث سلمان الأحمد إن ما يُسمى بـ «مؤتمر الأقليات» هو جزء من لعبة دولية تعتمد على استغلال المخاوف الطائفية والعرقية المشروعة إنسانياً، معتبراً أن الهدف السياسي من تنظيم مؤتمرات على أسس طائفية وعرقية هو تنفيذ لخطة تقسيم سوريا وتحويلها إلى كيانات متصارعة كما حدث في العراق، لخدمة مخططات إقليمية ودولية.