السياسي -متابعات
أكد الإعلامي المصري باسم يوسف أن التقدم التكنولوجي الذي يشهده العالم المعاصر ليس مصدراً للدهشة فحسب، بل يحمل في طياته مخاطر تمس حرية الإنسان واستقلاله، موضحاً أن المجتمعات أصبحت أسيرة للعالم الرقمي، تدفع ثمن الرفاهية والسهولة بالتنازل عن الخصوصية والحرية الفردية.
وقال يوسف في تصريحات تلفزيونية إن “كل خطوة نتقدم فيها نختار أدوات تسهّل حياتنا، لكننا في المقابل ندفع ثمناً من حريتنا واستقلالنا ونحن ندرك ذلك ونقبله”.
وأشار إلى أن الهاتف المحمول مثال واضح على هذا التناقض، إذ أصبح ضرورة لا يمكن الاستغناء عنها، وفي الوقت نفسه نافذة مفتوحة على خصوصية الإنسان، مضيفاً: “لقد دفعنا من أسرارنا وخصوصياتنا ثمناً للمزايا التي تقدمها التكنولوجيا”.
وأوضح أن مواقع التواصل الاجتماعي منحت الأفراد مساحة واسعة للتعبير وسهّلت التواصل، لكنها فرضت في المقابل قيوداً جديدة على التفكير والسلوك، معتبراً أن وسائل التواصل الاجتماعي تمتلك مزايا عظيمة، لكنها تُكلف الإنسان جزءاً من حريته.
وأعرب باسم يوسف عن مخاوفه من ضياع الحقيقة في العصر الرقمي، مؤكداً أن التطور التكنولوجي لم يعد سبباً للاحتفال، بل أصبح ظاهرة ذات وجهين، أحدهما مظلم وخطِر، قائلاً: “أكثر ما تأثّر بالتكنولوجيا هو علاقتنا بالحقيقة، وأخشى أن يكون الإنترنت نهايةً للحقيقة كما نعرفها”.
وأضاف أن الفضاء الرقمي تحوّل إلى حالة من الفوضى، ولم تعد هناك حقيقة واحدة، بل وجهات نظر متعددة، حتى داخل المجتمع نفسه، وهو ما خلق حالة عامة من الشك وعدم الثقة، مؤكداً أن البشر لم يفقدوا السيطرة لصالح الآلة، بل تنازلوا طوعاً عن حريتهم مقابل الراحة والسهولة.
في نفس السياق، تحدث باسم يوسف عن تعرضه للحظر المتكرر على مواقع التواصل الاجتماعي بسبب نشره عبارات بعينها، مشيراً إلى أن الرقابة بلغت ذروتها مع اندلاع الحرب الإسرائيلية الأخيرة على غزة، حين لعب تطبيق “تيك توك” دوراً مؤثراً في تشكيل الرأي العام العالمي.
وأوضح أن التطبيق كان أقل خضوعاً للرقابة مقارنة بمنصات أخرى مثل فيس بوك وإنستغرام، مما سمح بانتشار واسع للمحتوى المؤيد لفلسطين، حتى بلغت نسبته نحو 90% من المواد المنشورة خلال الأيام الأولى للحرب، وهو ما أثار قلقاً كبيراً في الأوساط الأمريكية والإسرائيلية.
وبيّن يوسف أن الولايات المتحدة وإسرائيل مارستا ضغوطاً مكثفة على الصين المالكة للتطبيق، تحت ذريعة حماية البيانات، بينما كان الهدف الحقيقي هو السيطرة على المنصة والحد من تأثيرها، مشيراً إلى أن هذه الضغوط أدت لاحقاً إلى تشديد الرقابة على المستخدمين المؤيدين لفلسطين، وتعيين مسؤولة إسرائيلية للإشراف على المحتوى.
وأضاف أن التطبيق انتهى في نهاية المطاف إلى صفقة بيع لرجل الأعمال الأمريكي لاري إليسون، الذي وصفه يوسف بأنه “ثاني أغنى رجل في العالم وأكبر متبرع في تاريخ جيش الاحتلال الإسرائيلي”.
واختتم باسم يوسف حديثه محذراً من الانسياق الأعمى وراء سحر التكنولوجيا، مؤكداً أن الأدوات التي تُصنع لتسهيل الحياة تُستخدم لاحقاً لتقييد الإنسان والتحكم في وعيه.






