بصوت متهدّج، وبكلمات تهزّ النفس من أقطارها، ويتقطّع لها نياط القلب من وجع الفقد المتدحرج، جاء رجاء الأم الثكلى بفقد أشقائها، وبعض أبنائها، بمثابة صرخة لوقف المقتلة، التي دخلت يومها الواحد بعد الستمئة، وما زال جمرها مضطرماً، وينذر بالمزيد، بينما تواصل “عربات جدعون” دهس الأطفال في غرف نومهم، وفي طوابير الجوع المفخخة لصيد الضحايا، وهم يزحفون على بطونهم.
يختصر العنوان حجم المعاناة التي يكابدها الغزيون في درب الجلجلة الطويل، حاملين معهم أوجاعهم، ونزف جراحهم التي ما أن تتوقف بفواصل طارئة مؤقتة، حتى تعود من جديد، كما لو أنها في يومها الافتتاحي.
فقد الغزيون أعزّ ما يملكون – المال والبنون- فلا شيء أكثر همّاً ولا أشدّ ألماً من فقد الأبناء وضياع شقاء العمر، البيت السكن والرجاء، الذي يجمع تحت سقفه الأحلام والذكريات.
فما قيمة فلسطين بلا الفلسطينيين؟ وما قيمة غزة بلا أهلها الطيبين، وأطفالها النابهين الذين تحمّلوا ما لا تحتمله الجبال الراسيات، من العذاب والتنكيل والتقتيل والتدمير، حتى بلغت القلوب الحناجر بسلاح التجويع، الذي هو سلاح دمار شامل للشعوب؟!
لعل ثمة من يملك ذرة إنسانية يجيب دعوة الأم المسكينة، ويضع حدّاً لدوّامة القتل، ومتوالية الدم النازف بلا انقطاع، “بكفي.. بكفي.. مظلش حدا..” !