نستند هنا على ظنيّة الدلالة وليس قطعيتها، وعلى قناعة الكاتب بأن كل إنسان تكون دوافعه خيّرة، لدى التواصل مع الآخرين، لكن قد يخطئ في آلية وكيفية التواصل، تماماً مثلما هو الحال عند نيتك الاتصال هاتفياً بشخص عزيز عليك، لتخبره أخباراً إيجابية عنك/عنه، لكنك تخطئ في مقدمة البلد أو تضع رقماً مكان رقم آخر، ما يؤدي إلى عدم إيصال الرسالة بل والفشل في المهمة .
ليس فقط أنك لم تنجح في توصيل الرسالة، بل أوجدت مشاكل أخرى:
– قد يظّن بك من اتصلت به بالخطأ أمراً سيئاً !
– قد توقظ الشك والريبة في قلب وعقل الشخص الذي كنت تنوي الاتصال به: لماذا لم يتصل بي في مثل هذا الموقف؟
– ستخسر مادياً كونك ستضطر إلى إجراء مكالمة ثانية.. إلخ .
ببساطة، مطلوب من المتصل أولًا، التخطيط والتركيز في خطوات الاتصال، ومطلوب من المتصل به/ها الإصغاء النشط حتى تصل الرسالة على أكمل وجه.
ثمة معلومات أساسية يتوجب إدراكها، وهي أن الانسان يمر في حالات طارئة عليه تسبّب له متاعب فسيولوجية، أو سيكولوجية، أو اقتصادية، أو اجتماعية تنعكس على سلوكه، فمثلاً، إذا شعر الشخص بالخوف من شيء ما، قد تدفع بالشخص إلى التفكير بتجاوز بعض قناعاته بحثاً عن الاستقرار والتأقلم النفسي، الاقتصادي .
ثمة تذكير هام وهو عدم الافتراض بأن من حولك في دائرة العلاقات معهم، لديهم نفس الدماغ الذي تحمله أنت، ويتبعون نفس نمط تفكيرك، الأمر الذي يستلزم توخي النيّة الحسنة في التعامل مع الآخرين، كون أن ليس جميع البشر من طينة واحدة، فهناك المستقر عاطفياً وسيكولوجياً، وهناك المضطرب المتوتر جرّاء ظروفه الخاصة، ما يستدعي لديه تشعّب نمط التفكير عند التعامل مع الآخر، شريطة عدم جعل أي منهم مصدراً للأمل (كون كل إنسان، تكون دوافعه خيّرة، لدى التواصل مع الآخرين، لكنه قد يخطئ في آلية وكيفية التواصل، إذ ليس فقط لم تنجح في توصيل الرسالة، بل وأوجدت مشاكل أخرى
– قد يظن بك من اتصلت به بالخطأ أمراً سيئاً !
– قد توقظ الشك والريبة في قلب وعقل الشخص الذي كنت تنوي الاتصال به: لماذا لم يتصل بي في مثل هذا الموقف؟
– ستخسر مادياً كونك ستضطر إلى إجراء مكالمة ثانية.
ببساطة، مطلوب من المتصل أولاً التخطيط والتركيز في خطوات الاتصال، ومطلوب من المتصل به/ها الإصغاء النشط حتى تصل الرسالة على أكمل وجه.
ثمة تذكير هام وهو عدم الافتراض بأن كل من حولك في دائرة العلاقات معهم، لديهم نفس الدماغ الذي تحمله أنت، ويتبعون نفس نمط تفكيرك، الأمر الذي يستلزم توخي النيّة الحسنة في التعامل مع الآخرين، كون أن ليس جميع البشر من طينة واحدة، فهناك المستقر عاطفياً وسيكولوجياً، وهناك المضطرب المتوتر جرّاء ظروفه الخاصة، ما يستدعي تشعب نهج التفكير عند التعامل مع الآخر، شريطة عدم جعل أي منهم مصدراً للأمل (إكسير حياتنا) الذي تتوخاه، كون الله تعالى هو المصدر الوحيد للأمل المنشود، وعدم الإفراط في التفكير الإيجابي أو السلبي بهذا الآخر، أو عدم رفع التوقعات منه، أيا كانت .
كلي أمل في أن يوفقني الله في تزويد القارىء بالمهارات المطلوبة لذلك، والتي تتلاءم مع نمط الشخصية المنوي الاتصال/ التعامل معها، كل هذا لضمان أن يعمّ أكبر قسط من المودة والمحبة والانسجام ودحض الكراهية والبغضاء بين البشر .
هناك توافق على تعريف المقصود بالشخصيّة المزاجية. يكون الشخص مزاجياً إذا اتصف بديمومة مشاعر متناقضة قد تدفع به إلى الغضب والعصبيّة وعدم الشعور بالطمأنينة وراحة البال، دون القدرة على تحديد سبب ما لهذا الوضع، مما يفقده الشعور بالرضا عن الذات، بل وأحيانا المعاناة من أحد أنماط الاكتئاب كما سنبيّن لاحقاً.
لذا تراه دوماً في حالة قلق تحد من انخراطه في التفاعل مع الآخرين اجتماعياً وعاطفياً، وعجزه الملحوظ في عدم التمكن من ممارسة مهارة التخطيط في الحياة، لذا يكون فريسة للمشاكل والمتاعب له ولغيره، جرّاء الاندفاع الفوري في اتخاذ القرارات، والأفعال، مما يدفع بالمحيطين به إلى النفور منه، تجنباً لإمكانية تحولهم إلى ضحايا نتيجة سلوكياته غير المرغوبة وغير المقبولة لديهم، بدلاً من أن يكونوا عوناً وسنداً وشركاء له في العمل والإنتاج . هكذا يصبح الإنسان المزاجي عبئاً على من حوله ( عائلة، أصدقاء، زملاء عمل، وكل من هم في دائرة التعامل معه .
يمكن إطلاق السمات/ الألقاب التالية على الشخصية المزاجية:
* الشخصيّة الصاخبة العنيفة، لما لديه من طاقة مختزنة في داخله، وضغوطات عديدة جسيمة، لذا تراه يوظّف مبدأ الغاية تبرّر الوسيلة، غالبا ًما يميل إلى حسم الأمور دون إيلاء المفاهيم الإنسانية فهو بحاجة إلى دوام شدّ الانتباه، لذا يتوجب الحرص على الخوض في السلوك المزاجي المنوي تعديله، دون لف ودوران، ولكن أيضاً، دون مواجهة عنيفة كي لا تتفجّر الأمور (الابتعاد كلياً عن الضرب والشتم، باذلاً جهودك كي تخفّض من منسوب غضبك).
* الشخصيّة المزاجية دائمة التذمر والشكوى، إذ يتخيل بل ويقنع ذاته أن الجميع يتجاهلونه، ويتعمدون إيجاد المشاكل والمتاعب له، لذا ليس من الخطأ مقاطعته بين الفينة والأخرى، ولا تبرّر له خطأه، فهو ما يتوقعه منك كونه يعشق مليّا المواجهة، اعتمد معه أسلوب التكرار وطرح الاسئلة الاستكشافية (يمكن توظيف هذا أيضاً مع المزاجي دائم الشكوى والمزاجي المتردد).
* الشخصيّة المزاجية اليائسة : لديه شعور دائم بالعجز على تعديل الأمور والأخذ بها إلى الاتجاه الصحيح، تراه يائساً، بعد أن أقنع ذاته باستحالة ذلك، يكرّر دوماً “إنسى الموضوع”، “النهاية معروفة خسرانة”، ” غيري حاول وما نجح”، “وفّر جهودك وبلاش تعّب حالك”، حتى لو تطلب الأمر أن تلعب الدور ذاته معه.
• الشخصيّة المزاجية الصامتة: تسيطر عليه حالة الإحباط، بسبب دوام الإخفاقات المتكرّرة يشكل الصمت الدائم للتعبير عن مشاعره والتي قد تتطور إلى درجة إحدى أنواع الإحباط . يظهر لك قدرته على عدم الثرثرة، إذ لديه مهارة ضبط لسانه، تجنباً للمواجهة مع الغير وإذكاء الخلاف أو إثارة عصبية الشخص المقابل، وقد لا يكون لديه ما يقوله، أو يخشى التفوه بألفاظ بذيئة.
•الشخصيّة المزاجية دائمة الموافقة: تنطلق هذه الشخصيّة من من منطلق ضرورة مسايرة الجميع، للوصول إلى حالة تناغم وانسجام مع الكل. من سمات هذه الشخصيّة أيضاً الموافقة على أي أمر أو فكرة، لذا تراه يعطي مواعيد كثيرة، لكنه قليل الوفاء في التنفيذ، هو بمثابة الخاتم في إصبع غيره، ما يجعل منه إمعّة للآخرين.
ينجم عن هذا المزيد من التوتر والقلق في داخله، ما قد يدفع به إلى ارتكاب أعمال مشينة أو تخريبية، مع كل هذا يتوجب الحفاظ على أجواء بيئة عمل آمنة مع هذ النمط من الشخصيّة المزاجية، وليكن المعالج دوما صادقاً في الطرح معه .
* الشخصيّة المزاجية المترددّة: يتشابه كثيراً، مع الشخصيّة المزاجية التي تبدي الموافقة دوما، تراها تتجنب قول لا حتى لا يسبّب الغضب لغيره، لذا يعمد إلى نهج التأجيل، بل ويتعمد إلى التهرب والمراوغة في اتخاذ أي قرار مهما صغر، ولا تكثر من الضغط على هذه الشخصيّة المزاجية .
* شخصيّة مزاجية كالقنبلة الموقوتة: يفتقر إلى الشعور باحترام الآخرين له. يستغل فترات صمت الآخرين، تأتيه نوبة عصبيّة، فينفجر كالقنبلة الموقوتة، لدرجة عدم القدرة للسيطرة عليه، صارخاً: “لا أحد يحترمني”، ” الكل يحتقرني”، يبدأ بالحركة ذهاباً وإياباً، موظفا ًحركات جسمانية للفت الانتباه، وقد تشتد هذه النوبة، إذا حاول أحد ما تهدئته.
* الشخصية المزاجية القنّاصة: قد تظهر الود والمرح للفت الانتباه ونيل ما يريد، أو أن يكون عدوانياً فظاً إما بالصراخ أو تحطيم ما تصل إليه يداه. تبرّر هذ النمط من الشخصيّة سلوكه من منطلق “خير وسيلة للدفاع الهجوم”، كونه خبيثاً في نواياه، ولا يبالي عمل أي شيء لاظهارك ظالماً غبيّاً أحمقاً .
* الشخصية المزاجيّة المدركة لما تعمل (ليس إدراكإ كاملاً) ( أبو العريّف)، فتراها يستخدم مصطلحات مبهمة وأحياناً غير مفهومة، وبصوت مرتفع أحياناً وأحياناً بوتيرة منخفضّة، بقصد المراوغة والتضليل، مدعماً أقواله بجمل مثل “تعلمت من تجربتي في الحياة”، “اسألني ما أنا جربت”، كمحاولة للدفاع عن عناده الشديد.
استراتيجيات ومهارات المواجهة
– ليكن هدفنا الأول والأخير إنجاز الانسجام بين الشخصيّة المزاحية والبيئة المحيطة به ( ذوو قربى، أصدقاء، بيئة العمل…)، عن طريق خفض منسوب الشك في دوافع سلوكيات الآخرين معه، نحو البدء بالخطى نحو مستقبل أفضل من خلال دوام التأكيد على ضرورة التوصل معاً إلى حل/ حلول، دون فرضه عليه.
– لا تبقى حيادياً، مع هذه الشخصيّة المزاجية، أو أن تكتفي بالصراخ والهيجان أو الانسحاب، الصراخ والغضب أو اللجوء إلى أسلوب الشكوى للآخر ، مع الالتزام بسرد الحقيقة وعدم المبالغة أو الاستخفاف بها .
ليست هناك وصفة سحرية يمكن استخدامها، يمكننا البدء في تعزيز وتوظيف والتمرن مهارات خاصة مثل :
* مهارة الإصغاء النشط، مهارة إبداء المحبة والمودة والألفة، مهارة التعبير الفاعل والتي من مكنوناتها الوضوح، خفت الصوت، النظر إلى عيون الشخص الذي تتحدث إليه، ولا غضاضة أن تقوم بتلخيص وتدوين ما أنجزته في كل جلسة، لتبدأ بالتذكير به في الجلسة التالية .
* دوام استخدام ضمير نحن بدلاً من “أنا” ” أنت”. في حال اضّطرك الشخص المزاجي إلى مقاطعته، فليكن هذا بأسلوب لبق وبدون عصبية أو هيجان، أو ردود أفعال طائشة، بغية توليد الراحة الذهنيّة، إضافة إلى اضمحلال لغة الجسد المتوترة القلقة، ما يجعل من السهل عليكما استنباط وتعزيز الجوانب الخيّرة لديكما.
* تجنب محاولة إقناع ذاتك باستحالة أحداث التغيير المنشود والمتمثل في تعديل ذاك السلوك المزاجي، مع إدراك أن ليست كل الحلول قابلة للتطبيق، ما يتطلب التحضير المسبق والالمام بموضوع السلوك المزاجي المستهف تعديله .
* إذا أمعن ذاك الشخص المزاجي في نفس السلوك بعد بذل جهود كبيرة من طرفك، إياك أن تصرخ أو تظهر أي من دلالات الفشل، أو اتباع نهج التهديد والتطرف في أسلوبك، بل إلجأ إلى تغيير الآلية لإنجاز الهدف، فمن لا يغيّر أسلوبه، لا يمكنه التعرف على أخطائه وتعديلها، دون التخلي عن قناعاتك حول حتمية التعديل، طبعاً مع عدم المبالغة في التوقعات، بمعنى آخر إياك واليأس والقنوط، ولا تكن صعب المراس، بل كررّ ذكر الإيجابيات في الشخص المزاجي “مما أحبه في شخصيتك.. أو كرّر ذكر اسمه، من خلال الإكثار في إعطاء الأمثلة والقصص وجعله بطل المواقف الإيجابية فيها لتصل به أن يتخيل ذاته المنقذ والمساعد للآخرين)،مع ضرورة ترك قسط من الراحة والدعابة في الجلسة، على طريقة بناء الثقة بالذات.